حرمة القرآن جميعه واحدة، ولأسماء الله بنفسها حرمة أخرى بل للجميع حرمة واحترام فلا يصح حرق شيء من كلام الله تعالى ولا من أسمائه، وإن فكك الحروف بعضها من بعض ورسم حروفا مقطعة مخالفة لرسم المصحف وقاعدة الكتابة فلا يبعد أن يقال في مثله يجوز استعماله فيما وصفت لأنها صارت حروفا منتثرة لا آية مجتمعة، وفاعل ما يمنع من ذلك تجزئه التوبة، وإن كان قد قتل به من يجوز قتله وقد فرض الله الجهاد على عباده بالأنفس والأموال وهي التجارة الرابحة المنجية من عذاب الآخرة وعلى إقامة سوقها مضى عصر النبوة وزمان الخلفاء ثم خلف من بعدهم خلف يقرؤون القرآن كما يقرؤون تواريخ الأمم، يسمعون أوامره وزواجره ويحملونها على من مضى كأنهم لم يدخلوا في خطابه، وكأنهم لم يعنوا بعتابه، فارتاحوا إلى الخمول واستروحوا بالقعود مع الخوالف وتوسعوا في المباحات وأذهبوا طيباتهم في حياتهم الدنيا وجنحوا إلى الإتراف فلا نجد خصلة نعاها القرآن على أهل النفاق في عصر النبوة إلا وهى موجودة في غالب أهل زمانك.
Page 58