فقال الإمام أحمد ﵀: "ينبغي أن يكون خوفه ورجاؤه واحدًا، فلا يغلب الخوف ولا يغلب الرجاء". قال ﵀: "فأيهما غلب هلك صاحبه". لأنه إن غلب الرجاء وقع الإنسان في الأمن من مكر الله، وإن غلب الخوف وقع في القنوط من رحمة الله.
وقال بعض العلماء: «ينبغي تغليب الرجاء عند فعل الطاعة وتغليب الخوف عند إرادة المعصية»، لأنه إذا فعل الطاعة فقد أتى بموجب حسن الظن، فينبغي أن يغلب الرجاء وهو القبول، وإذا هم بالمعصية أن يغلب الخوف لئلا يقع في المعصية.
وقال آخرون: «ينبغي للصحيح أن يغلب جانب الخوف وللمريض أن يغلب جانب الرجاء» لأن الصحيح إذا غلب جانب الخوف تجنب المعصية، والمريض إذا غلب جانب الرجاء لقي الله وهو يحسن الظن به.
والذي عندي في هذه المسألة أن هذا يختلف باختلاف الأحوال، وأنه إذا خاف إذا غلب جانب الخوف أن يقنط من رحمة الله وجب عليه أن يرد ويقابل ذلك بجانب الرجاء، وإذا خاف إذا غلب جانب الرجاء أن يأمن مكر الله فليرد ويغلب جانب الخوف، والإنسان في الحقيقة طبيب نفسه إذا كان قلبه حيا، أما صاحب القلب الميت الذي لا يعالج قلبه ولا ينظر أحوال قلبه فهذا لا يهمه الأمر.
***
1 / 59