Fatawa and Consultations of Islam Today
فتاوى واستشارات الإسلام اليوم
Maison d'édition
موقع الإسلام اليوم
Genres
وأما قوله تعالى: "يَابَنِيَ آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ" [الأعراف: ٢٦]؛ فلا يفيد بالمثل أن ما نلبسه هبط من السماء، لأن مصدره معلوم كالصوف من الحيوان والقطن من نبات الأرض، ولذا اجتهد المفسرون في صرف (أنزلنا) عن معنى الهبوط، قال الشوكاني: "عبر سبحانه بالإنزال عن الخلق أي خلقنا لكم لباسًا" [تفسير فتح القدير للشوكاني (ج٢ص١٩٧)] .
وقال الجصاص: "وإنما قال أنزلنا لأن اللباس يكون من نبات الأرض أو من جلود الحيوان وأصوافها، وقوام جميعها بالمطر النازل من السماء" [أحكام القرآن للجصاص (ج٤ص٢٠٣)] .
وقال السمعاني: "وفي معنى (أنزلنا عليكم) ثلاثة أقوال، أحدها: خلقنا لكم، والثاني: ألهمناكم كيفية صنعه، والثالث: أنزلنا المطر الذي هو سبب نبات ما يتخذ لباس" [تفسير زاد المسير لابن الجوزي (ج٣ص١٨١)] .
وقد يصح أن معنى (الإنزال) في الملابس باعتبار الأصل وهي ترجع للمطر، وقد يصح نزول القرآن باعتبار العلاء المعنوي تشريفا، ويصح الجمع بين الحالتين بالتمثيل بالغيث ينزل ليغشي الأرض العطشى وينقذها من الهلاك.
1 / 78