فتاوى الزواج وعشرة النساء
فتاوى الزواج وعشرة النساء
Enquêteur
فريد بن أمين الهنداوي
Maison d'édition
مكتب التراث الإسلامي
Édition
الخامسة
Année de publication
1410 AH
الرجعة ؛ لئلا ينكر الزوج ويدوم مع امرأته، فيفضي إلى إقامته معها حرامًا؛ ولم يأمر بالإشهاد على طلاق لا رجعة معه، لأنه حينئذ يسرحها بإحسان عقب العدة فيظهر الطلاق. ولهذا قال يزيد بن هرون مما يعيب به أهل الرأي: أمر الله بالإشهاد في البيع دون النكاح؛ وهم أمروا به في النكاح دون البيع. وهو كما قال. والإشهاد في البيع إما واجب وإما مستحب، وقد دل القرآن والسنة على أنه مستحب. وأما النكاح فلم يرد الشرع فيه بإشهاد واجب ولا مستحب. وذلك أن النكاح أمر فيه بالإعلان فأغنى إعلانه مع دوامه عن الإشهاد، فإن المرأة تكون عند الرجل والناس يعلمون أنها امرأته، فكان هذا الإظهار الدائم مغنيًا عن الإشهاد كالنسب؛ فإن النسب لا يحتاج إلى أن يشهد فيه أحد على ولادة امرأته؛ بخلاف البيع؛ فإنه قد يجحد ويتعذر إقامة البينة عليه، ولهذا إذا كان النكاح في موضع لا يظهر فيه كان إعلانه بالإشهاد. فالإشهاد قد يجب في النكاح؛ لأنه به يعلن ويظهر؛ لا لأن كل نكاح لا ينعقد إلا بشاهدين؛ بل إذا زوجه وليته ثم خرجا فتحدثا بذلك وسمع الناس، أو جاء الشهود والناس بعد العقد فأخبروهم بأنه تزوجها: كان هذا كافيًا. وهكذا كانت عادة السلف، لم يكونوا يكلفون إحضار شاهدين، ولا كتابة صداق.
ومن القائلين بالإيجاب من اشتراط شاهدين مستورين، وهو لا يقبل عند الأداء إلا من تعرف عدالته: فهذا أيضًا لا يحصل به المقصود. وقد شذ بعضهم فأوجب من يكون معلوم العدالة؛ وهذا مما يعلم فساده قطعًا، فإن أنكحة المسلمين لم يكونوا يلتزمون فيها هذا. وهذه الأقوال الثلاثة في مذهب أحمد على قوله باشتراط الشهادة. فقيل: يجزئ فاسقان: كقول أبي حنيفة. وقيل: يجزئ مستوران، وهذا المشهور عن مذهبه، ومذهب الشافعي. وقيل: في المذهب لابد من معروف العدالة. وقيل: بل إن عقد حاكم فلا يعقده إلا بمعروف العدالة؛ بخلاف غيره؛ فإن الحكام هم الذين يميزون بين المبرور والمستور. ثم المعروف العدالة عند حاكم البلد: فهو خلاف ما أجمع المسلمون
79