68

فتاوى الزواج وعشرة النساء

فتاوى الزواج وعشرة النساء

Enquêteur

فريد بن أمين الهنداوي

Maison d'édition

مكتب التراث الإسلامي

Numéro d'édition

الخامسة

Année de publication

1410 AH

فالتى تزنى بعد النكاح ليست كالتى تتزوج وهى زانية ؛ فإن دوام النكاح أقوى من ابتدائه. والإحرام والعدة تمنع الابتداء دون الدوام فلو قدر أنه قام دليل شرعى على أن الزانية بعد العقد لا يجب فراقها لكان الزنا كالعدة تمنع الابتداء دون الدوام جمعاً بين الدليلين.

((فإن قيل ))ما معنى قوله ﴿ لا يَنْكِحُها إلاَّ زانٍ أو مُشِرْكٌ﴾(١) قيل: المتزوج بها إن كان مسلما فهو زان ، وإن لم يكن مسلماً فهو كافر ، فإن كان مؤمناً بما جاء به الرسول من تحريم هذا وفعله فهو زان ، وإن لم يكن مؤمناً بما جاء به الرسول فهو مشرك ؛ كما كانوا عليه فى الجاهلية كانوا يتزوجون البغايا. يقول : فإن تزوجتم بهن كما كنتم تفعلون من غير اعتقاد تحريم ذلك فأنتم مشركون ، وإن اعتقدتم التحريم فأنتم زناة. لأن هذه تمكن من نفسها الزوج من وطئها ، فيبقى الزوج يطؤها كما يطؤها أولئك ، وكل امرأة اشترك فى وطئها رجلان فهى زانية ؛ فإن الفروج لا تحتمل الاشتراك ؛ بل لا تكون الزوجة إلا محصنة.

ولهذا لما كان المتزوج بالزانية زانياً كان مذموماً عند الناس ؛ وهو مذموم أعظم مما يذم الذى يزنى بنساء الناس، ولهذا يقول فى الشتمة: سبه بالزاى والقاف. أى قال يا زوج القحبة ، فهذا أعظم ما يتشاتم به الناس ؛ لما قد استقر عند المسلمين من قبح ذلك. فكيف يكون مباحا ؟! ولهذا كان قذف المرأة طعناً فى زوجها. فلو كان يجوز له التزوج ببغى لم يكن ذلك طعنا فى الزوج ؛ ولهذا قال من قال من السَّلف: مَا بَغَت امْرَأْهُ نَبِىِّ قَطُّ(٢). فالله تعالى أباح للأنبياء أن يتزوجوا كافرة ، ولم يبح تزوج البغى ؛ لأن هذه تفسد مقصود النكاح ، بخلاف الكافرة : ولهذا أباح اللّه. للرجل أن يلاعن مكان أربعة شهداء إذا زنت امرأته وأسقط عنه الحد بلعانه؛ لما فى ذلك من الضرر عليه. وفى الحديث (( لاَ يَدْخل

(١) النور : ٣.

(٢) هذا القول محكىٌّ عن ابن عبّاس رضى الله تعالى عنهما وعكرمة وسعيد بن جبير والضحّاك وغيرهم.

[ ابن كثير (٣٩٣/٤)]

68