قال: «لو عرفتهم لبددت شملهم ولكنني أتوسم خطرا من جماعة يزعمون أنهم موتورون ... لا أعرف من هم ولكنني أتنسم رائحة ذلك من بعض الأحاديث ...»
قال: «صرح يا جوهر ... إنك في مأمن.»
قال: «ألا تعلم يا سيدي ما أصاب أبا عبد الله الشيعي الذي قام بالدعوة في أول أمرها ومهد الدولة لجدك المهدي - رحمه الله؟»
فلما سمع اسم أبي عبد الله تغير لونه ولكنه أظهر الاستخفاف وقال: «أظنك تعني أن ذلك الرجل قتل مظلوما.»
قال: «لا أعني ذلك ولكن بين أصحابه الذين أعانوه في نصرة دعوة مولانا الملك من يتوهم أنه ظلم؛ لأنه جمع القبائل لنصرة مولانا ولما استتب له الأمر قتله وقتل أخاه أبا العباس. أما أنا فأعتقد أنه قتل حقا بعد أن غير نيته وطمع بالأمر لنفسه فلا بد أن يكون لأصحابه مطمع في إفساد أمرنا وإن كنت لا أخاف فوزهم. ولو سألتني عن واحد منهم لاعترفت أني لا أعرف أحدا وإنما هو سوء الظن لا بد منه في مثل هذه الحال.»
فاعتدل المعز في مجلسه وقال: «صدقت ولكن لا خوف من ذلك غير أني أسمع إن ذلك المقتول كان عنده مال خبأه في مكان لا أعرفه وقد تعجل جدي في قتله قبل معرفة مستودع المال. سمعت أنه مال كثير. ولا يخفى عليك شدة الحاجة إلى المال في هذه الأحوال.»
قال: «نعم يا سيدي سمعت بخبر المال المخبأ لكنني لا أعرف مكانه ولو عرفته لاستخرجته ولا يبعد أنه قد تبعثر وسأوالي البحث عنه.»
قال: «ومع ذلك لا يهمنا المال وعندنا صناديق منه قد شذ عني ترتيبها لكثرتها قد ادخرتها للقيام بذلك العمل؛ لعلمي أن أعداءنا قد أصابهم الفقر حتى تغيرت قلوب الناس عليهم.»
قال جوهر: «صدق مولاي ولكني أرى مع ذلك أن نحتاط ونسيء الظن حتى برجالنا وأمراء القبائل البربرية، ولا سيما الذين كانوا حكاما وعرفوا الدسائس. أخص منهم حمدون صاحب سجلماسة؛ فإن هذا الرجل حاربناه وهو صاحب دولة فأخضعناه وسلم لكني أحسبه مكرها، فإذا رأى مولاي أن نقيده برهن كان ذلك أقرب إلى الصواب!»
قال: «وما هو الرهن؟»
Page inconnue