فرجع إليها وقال: «إلى فج الأخيار.»
قالت: «وهل أنت على بينة من مكانه وسائر أحواله؟»
فبغت من هذا السؤال وأطرق خجلا؛ لأنه كان عازما أن يسألها عنه فشغل بذلك الحديث، ثم رفع رأسه وقال: «أعرف قليلا وسأبحث وأسأل، فهل تخبرينني عنه شيئا، وهل تعرفينه؟»
قالت: «لا أعرفه؛ لأني لم أصل إلى ذلك المكان، لكنني أسمع أنه في بلد بعيد في أواسط الصحراء من بلاد كتامة، ولا يهمني بعده وإنما يهمني ما هناك من وسائل الدفاع عنه؛ لأني كثيرا ما سمعت بما اتخذه أصحابه من الطرق لإخفاء الأموال وصيانتها.»
فقطع كلامها قائلا: «لا تبالى يا لمياء بشيء من ذلك؛ فإن ما رأيته من حماستك وغيرتك ومروءتك يصغر كل كبير ويهون كل صعب ... كوني مطمئنة.» ومد يده لمصافحتها وهو يقول: «أعود فأودعك ثانية وأطلب إليك أن تفكري في أحيانا، وهذا يكفيني لنجاح مسعاي.» ثم ودعها وخرج وهي تقول: «سر بحراسة المولى؛ فإنه آخذ بيدك في نصرة الحق وكبت الظالمين.»
الفصل الثامن والأربعون
الكتاب
وبعد خروجه أرادت لمياء أن تودع أم الأمراء فأمسكتها وأقعدتها، فقعدت وهي تنظر إليها كأنها تستفهمها عما تريده. فقالت أم الأمراء: «هذا الحسين قد عرفنا وجهته وخطته أما أنت ف...»
فقطعت لمياء حديثها رغم إرادتها وقالت: «أستأذنك يا سيدتي أن لا تسأليني عن ذلك.»
قالت: «ولماذا هذا التستر؟»
Page inconnue