ويسرني أن أخبركم بأن سقوط الحيرة كاد يقضي على دولة الفرس كلها لأن الدهاقين وهم ولاة الفرس كانوا ينتظرون ما يكون من حرب الحيرة فلما علموا بسقوطها وهنت عزائمهم فجاءوا وصالحوه وسلموا إليه فأخذ الجزية منهم وكتب إلى أهل فارس يدعوهم إلى الإسلام ويهددهم بالقتال فلم يكن يمر يوم لا نرى الناس قادمين زرافات ووحدانا وخصوصا عرب العراق وهم النصارى وبعد قليل سار خالد وأنا معه ففتح الانبار ثم عين التمر وغيرهما وقد لحظت منه أنه لم يتجرأ على المسير إلى المدائن قبل الاستعداد الكافي.
وفيما هو في ذلك ورد عليه كتاب من الخليفة أبي بكر يأمره بالذهاب إلى الشام لنصرة جند العرب على فتحها فجئت أنا معه حتى أتينا بصرى وهي محاصرة وأنا لا أعلم مقركما فخطر لي أن أسأل راهبنا الشيخ فأخبرني بمقامكما هنا فتربصت حتى تم الفتح كما قدمت».
وكان عبد الله وحماد صامتين يصغيان لما يقصه عليهما سلمان فلما انتهى إلى هناك قال حماد: «وما ظنك بتتمة فتح العراق فان خالدا لم يفتح منها شيئا كثيرا والمدائن لا تزال على ما هي والفرس لا يزالون حاكمين».
قال: «رويدك يا سيدي إن العرب لا يلبثون أن يعيدوا الكرة وأظنها تكون القاضية وخالد لم يأت بصرى إلا مددا لجند الشام فطب نفسا إن الله سيتم انتقامه من أولئك الطغاة».
فقال عبد الله: «وما العمل الآن».
قال سلمان: «أرى يا سيدي أن أبقى أنا مع خالد كما كنت فأسير معه إلى اليرموك فقد سمعت أن العرب معسكرون هناك يتوقعون قتالا شديدا وسيسير خالد لنجدتهم».
فقال حماد: «وأين اليرموك؟»
قال: «هي على مقربة منا غربا على نهر يقال له نهر اليرموك يصب في نهر الأردن وقد عسكر العرب عند مائه».
فتنهد حماد وفي نفسه شيء يكتمه.
فأدرك سلمان أنه يفكر بهند وجبلة فقال: «ولا بد من أن يكون جبلة مع جند الروم إذا جاء اليرموك فلا أعدم وسيلة استطلع بها مقر هند فأبعث إليكم بخبرها».
Page inconnue