231

La fille de Ghassan

فتاة غسان

Genres

فلما جاء جبلة في ضحى الغد أنبأته بالخبر وكانت تتوقع منه ارتياحا واستحسانا ولكنها رأت انقباضا فندمت على تصريحها بالسر وخافت أن يترتب على ذلك ما يسوؤها وكان خوفها في محله. لأن جبلة ما لبث منذ سمع ذلك الخبر منقبض النفس غارقا في بحار التأمل لعلمه أن حمادا إذا تزوج هند سيكون وريثه في الملك إذ ليس له ذكور يرثونه فإذا كان حماد من عامة الناس بقي الملك باسم الغساسنة ولكنه رأى بعد علمه من انتسابه إلى المناذرة أن الملك سيخرج به من الغساسنة إلى المناذرة فيكون قد سعى إلى زوال ملكه فارتبك في أمره فلم يعد يعلم ماذا يعمل وود لو أنه زوج هندا لثعلبة إبقاء للحكم في عائلته ولكنه كتم ذلك كله وتظاهر باستغراب ما سمعه.

أما هند فكانت تراعي والدها وتراقب حركاته وتنتظر ما يبد منه وقد انقبضت نفسها وأسفت أسفا شديدا لما فرط منها.

وفيما هم في ذلك سمعوا قرقعة اللجام وصهيل الخيل عند باب الحديقة فأطلوا وإذا بحماد وفارس آخر عرفوا أنه والده فخرجوا لاستقبالهما فلما وقع نظر حماد على جبلة هم بتقبيل يده فمنعه وتعانقا وتقدم عبد الله إلى جبلة فصافحه وتعارفا ودخلوا جميعا إلى قاعة الجلوس وأخذوا في الأحاديث المتنوعة إلا حديث النذر فأنه لم يدر بينهم أبدا.

فقالت سعدى لجبلة قلت لنا في كتابك أن الإمبراطور هرقل أنفذ يدعوك إليه فما الذي دعاه إلى ذلك.

قال: «دعاه إليه اضطراب في جو السياسة أوجب اهتمامه في التأهب للحرب عاجلا».

فبغت الجميع واستعاذ حماد بالله وخاف أن يحول ذلك بينه وبين هند إلى أجل بعيد فقال: «وما هو ذلك الاضطراب يا عماه».

قال : «لقد أنبأنا الجواسيس أن الحجازيين الذين جاؤنا منذ بضع سنين على ما تعلم وعادوا عن مؤتة خاسرين قد استفحل أمرهم واتسع سلطانهم وتوفي نبيهم وخلفه بعض أصحابه فجند جندا كبيرا أنفذه لقتالنا ولا يلبث أن يصل إلينا قريبا فبعث إلي هرقل بذلك فأرسل يستقدمني إليه في حمص للمخابرة بشأن التجنيد وقد قيل لنا أن حملتهم هذه المرة ستكون أصعب مراسا من الماضية وقد جاؤا فرقا يقودهم أعاظم القواد».

فقال عبد الله: «سمعنا إنفاذ ذلك الجند إلى العراق لحرب الفرس وليس للشام».

قال: «ذلك جند آخر بعثوه إلى العراق في العام الغابر أما الآن فأنهم عاملون على التجنيد إلينا».

فقال حماد: «هل يرى سيدي العم أن غيبته ستطول هناك».

Page inconnue