فمدت سعدى يدها إلى الضفيرة وتناولتها وقالت وهي تتم ضفرها: «دعينا من ضفر الشعور فإننا في ما هو ادعى إلى الاهتمام.»
فقالت هند: «لا أرى الاهتمام بشيء آخر إلا عبثا.»
فقالت: «أمن العبث أن نتخلص من مطالب ثعلبة.»
فلما سمعت اسمه نفرت وانقبض قلبها ولكنها توسمت بابا للفرج فقالت: «يا حبذا ذلك لو صح.»
وكانت سعدى قد فرغت من ضفر الشعر فأمسكتها بيدها وأجلستها إلى السرير ونظرت إليها نظرة فهمت هند منها أنها تريد الجد فأصغت إليها فقالت: «دعينا من الهواجس يا هند ولنبحث في الأمر بالتروي.»
فقالت: «قولي ما تريدين واذكري وعدك.»
قالت: «لا أقول إلا ما يرضيك ولكنني اعلم انك عاقلة رزينة ولا أظنك ترتابين من حبي لك وانعطاف والدك نحوك وإذا أتينا أمرا ساءك أو سرك إنما نأتيه إلتماسا لراحتك.»
فخافت هند أن يكون وراء هذه المقدمات نصيحة تمنعها من حماد فلبثت صامتة وقلبها يخفق في انتظار إتمام الحديث.
فقالت سعدى: «لا يسعني الإغضاء عن إهمالك البحث عن أصل حماد وفصله فان الحب يعمى ويصم فأتقدم إليك أن تستجمعي رشدك وتسألي عقلك هل هو مساعد لك على ما رضيه قلبك.»
قالت: «نعم يا أماه أني في كمال عقلي ولا أرى في عملي هذا خطأ ولا ريب عندي إذا خاطبت حمادا واستطلعت أخلاقه وأطواره انك ترين فيه مثل ما رأيته أنا فهو شاب كامل الصفات كريم الأخلاق ولا بد من أن يكون ذا حسب ونسب فإذا لم يكون ملكا ارضيا فهو ملاك سماوي ولا اقل من أن يكون اميرا وزد على ذلك أن ما شهدناه من شهامته وكرم أخلاقه يؤهله لمصاهرة والدي وقد قيل المرء بأصغريه لا ببرديه فهي انه غير حسيب فهو لا ريب شهم كريم.» قالت ذلك وعلامات الهيام ظاهرة على وجهها تخالطها ملامح الخجل.
Page inconnue