موضع أنه ينقل عن كتاب ابن كرشم هذا (١)؛ كذلك أشار البكري إلى الشرقي بين القاطمي في موضعين أحدهما في تفسير المثل " وافق شنّ طبقة " حيث انفرد الشرقي بتفسير مناسبة هذا المثل (٢)، ولكن ليس هناك ما يدل دلالة قاطعة على أنه كان للشرقي كتاب مفرد في الأمثال، ولم يذكر له ابن النديم كتابًا بهذا الاسم، أما عطاء ابن مصعب فلم نجد أحدًا تصدى لذكره غير الميداني، وإذا لم يكن في الاسم تصحيف أو تحريف فإنه يبدو أنه كان من تلك الطبقة المبكرة من الرواة التي اهتمت برواية ما تتصل به بعض الأمثال من أخبار وأساطير، ولولا أن ابن نديم ذكر أنه رأى كتاب ابن كرشم في الأمثال لقدرنا أن هؤلاء الثلاثة هم مصدر الأخبار الأسطورية لا غير، بل ربما ذهبنا إلى الظن بأن كتاب ابن كرشم إنما يمثل تصنيفًا متأخرًا في الزمن جمعه شخص آخر أو تفرد بروايته.
وبعد هؤلاء يجيء طبقة ممن استع لهم باع التأليف في هذا الموضوع وهم أبو عمرو (ولعلّ الذي يعنيه الميداني هو أبو عمرو بن العلاء) (- ١٥٤) والمفضل بن محمد الضبي (- ١٧٠) وأبو فيد وهو مؤرخ بن عمرو السدوسي (- ١٩٣) وأبو عبيدة بن المثنى (- ٢١٠) والأصمعي عبد الملك بن قريب (- ٢١٣) وأبو زيد الأنصاري (- ٢١٥)؛ وربما كان كتاب المفضل الضبيّ صورة شاملة لجهود الرواة الذين سبقوه، وذلك لأنه اهتم على وجه الخصوص بالأمثال التي تستند إلى أساطير وقصص؛ وكان كاتب أبي عبيد القاسم بن سلام (- ٢٢٤) توسيعًا لطبيعة المثل وتجديدًا في تقسيم الأمثال بحسب الموضوعات، إذا قيس بما تم قبله (٣)؛ وقد كثر التأليف في الأمثال بعد أبي عبيد وخاصة في القرن الثالث، فألف في الأمثال كلّ من ابن الأعرابي (- ٢٣١) وابن السكيت (- ٢٤٤) وابن حبيب (- ٢٤٨)
_________
(١) انظر مثلًا الورقة: ١٠٨ من النسخة ص.
(٢) الورقة ٧٤ من ص.
(٣) لا نرى من الضرورة في هذه المقدمة الحديث عن ابن سلام وجهوده المختلفة في ميدان التأليف، فقد كتبت عنه بعض الدراسات العلمية الحديثة، وأما مصادر ترجمته فتراجع في ابن خلكان ٤: ٦٠ والحاشية، تحقيق إحسان عباس، وفي الموسوعة الإسلامية (الطبعة الجديدة) .
1 / 2