Un chapitre de l'histoire de la révolution d'Urabi
فصل في تاريخ الثورة العرابية
Genres
وأدى اتصال المصريين بالأجانب وقد كثر مجيئهم إلى مصر، إلى تتبع الأنباء العالمية في السياسة والحروب شؤون الحكم، فزادت معارفهم عن العالم وقارنوا بين حوال الشعوب الحرة وبين حالهم، وأخذوا يستنبطون أسباب ما كانوا فيه من شقاء ومذلة.
بهذه العوامل مجتمعة قام في مصر رأي عام. ويعد هذا شيئا جديدا في تاريخها الحديث، فقد انبعث الوعي القومي وكان من أكبر بواعثه ذلك العدوان الذي أشرنا إليه من الأجانب على مصر، بينما وقف الخديو حاكمها المطلق موقف الحيرة، بعد أن أسرف على نفسه في مظاهر العظمة والترف والجاه.
وإلى جانب هذه الحركة الوطنية، كانت تعقد اجتماعات سرية للضباط يتداولون فيها الأمر بينهم وكيف يكون المخرج من هذه الحال، وكان زعيم هؤلاء الضباط هو أحمد عرابي، ولسوف تتألف الثورة العرابية بمعناها الصحيح من التقاء العنصرين المدني والعسكري، وإعلان مطالب البلاد على لسان عرابي في صراحة وجرأة على نحو ما سنفصله في موضعه.
الوطنيون يظفرون بالحكم الدستوري
كان من اقتراحات لجنة التحقيق أن ينزل الخديو عن سلطانه المطلق، فتتولى الحكم وزارة مسؤولة عن أعمالها، ولقد أسندت هذه الوزارة إلى نوبار باشا عام 1878، ولكن الوطنيين آلمهم أن يجدوا في هذه الوزارة وزيرا إنجليزيا وآخر فرنسيا. ووجد الخديو أنه أصبح ولا سلطة له أمام نوبار والوزيرين الأجنبيين، ومن ثم أخذ الخديو يتقرب إلى الوطنيين الثائرين الذين زادهم غيظا هذا المظهر الجديد من تدخل الأجانب في شؤون البلاد، ثم ما لبث الخديو أن تخلص من هذه الوزارة إثر حادث الضباط الذي سلفت الإشارة إليه.
ولكن الخديو لم يستطع أن يحل محلها وزارة وطنية بحتة، واكتفى بأن أسند الوزارة إلى ابنه توفيق وفيها العضوان الأجنبيان، وإذ ذاك هدد ريڨرز ولسن بأنه سوف يعلن إفلاس الحكومة المصرية.
وثارت ثائرة الوطنيين ونددوا بالوزارة الأجنبية وبوجود الأجانب بوجه عام وتوالت عرائضهم إلى الخديو، وأخذت نذر الثورة تتوالى يوما بعد يوم، وكان شريف باشا يرقب حركة الأحرار في بيت البكري ويشير عليهم بما يعملون.
وتحمس أعضاء مجلس شورى النواب، وقد علموا أن الوزارة الأوروبية تريد حل مجلسهم وكان بينهم عدد من الوطنيين، وصمموا أن يظلوا في أماكنهم للنظر في شؤون البلاد في تلك الآونة العصيبة. وكان عملهم هذا أشبه بما فعله أعضاء مجلس طبقات الأمة في فرنسا قبيل الثورة.
وكانت مطالب الوطنيين في المجلس وخارج المجلس تنحصر في المسألتين الدستورية والمالية، بغية القضاء على الفساد من أساسه. أما أولاهما: فتتلخص في أن تكون الوزارة مسئولة أمام المجلس بحيث يصبح هيئة لها نفوذها الفعلي في حكومة البلاد، وأما الثانية فمؤداها أن يبحث المجلس المسألة المالية دون الأجانب، وأن يقرر في أمر الدين والضرائب ما تمليه عليه مصلحة البلاد.
واتفقت كلمة الوطنيين جميعا على أن يتوجهوا إلى الخديو بما عرف باسم «اللائحة الوطنية»، وقد وضعتها لجنة من النواب تحت إشراف شريف ووقع عليها ستون من أعضاء المجلس، ومثلهم من العلماء وفي مقدمتهم شيخ الأزهر، كما وقع البطريرك والحاخام وكذلك وقع عليها عدد كبير من الأعيان والتجار والموظفين والضباط.
Page inconnue