Un chapitre de l'histoire de la révolution d'Urabi
فصل في تاريخ الثورة العرابية
Genres
ويتضح من كلام هذا الإنجليزي أنه كان يريد أن يتفاقم الأمر، وتحدث الفتنة التي تسهل لدولته التهام مصر.
توجه الخديو إلى قصر عابدين قبل حضور الفرق بزمن طويل وكان معه كلڨن ورياض، فاستدعى علي بك فهمي رئيس الحرس، وأشار عليه بالدخول إلى القصر بفرقته والتحصن بالنوافذ العليا. وقد نصح للجند بقوله: «أنتم أولادي وحرسي الخاص، فلا تتبعوا التعصب الذميم ولا تقتدوا بأعمال الألايات الأخرى»؛ ودخل الجند القصر وأخذوا يتأهبون.
وطاف الخديو بنفسه على الألايات الأخرى في القلعة والعباسية يحاول منعها عن الحضور، فرفضت الفرق طاعته، ولقد ثارت فرقة القلعة في وجهه حينما أمسك بتلابيب قائدها فودة حسن، ووضع العساكر الأسنة في بنادقهم وتجمهروا حول الخديو حتى أطلق القائد.
وفي عصر ذلك اليوم المشهود تحرك الجيش المصري نحو عابدين، فخطت الثورة الوليدة أجرأ خطواتها وأبعدها أثرا في تطورات الحوادث فيما بعد.
واحتشد في عابدين نحو أربعة آلاف جدي معهم مدفعيتهم وضباطهم. وأرسل عرابي يستدعي علي بك فهمي من داخل القصر، فعاتبه، فرد علي فهمي بقوله: «إن السياسة خداع»، ثم انضم بفرقته إلى الجيش، فأصبح القصر خاليا من كل عناصر المقاومة.
وتجمع وراء صفوف الجيش آلاف من أهل القاهرة، واشرأبت أعناق الشعب الذي طالما صبر على المذلة، وتطلع من فوق أكتاف الجند، ومن خلال صفوف الفرسان لينظر ماذا يكون في هذا الموقف الرهيب، واسم عرابي على الألسن وهو على ظهر جواده يتأهب لمقدم الخديو ليسمعه كلمة مصر، كلمة الشعب الذي اختار جده بإرادته بالأمس واليا على البلاد. وما أعظم أن ينطق بهذه الكلمة اليوم فلاح من أعماق القرى، فيتحدى بها الخديو الذي كان يظن ألا رأي إلا رأيه.
وخرج الخديو إلى الميدان ووراؤه ستون باشا رئيس أركان حرب الجيش المصري ومستر كوكسن القنصل الإنجليزي بالإسكندرية، وبعض الضباط من الأوروبيين والوطنيين.
وتقدم الخديو نحو الجند، فأشار عليه كلڨن أن يأمر عرابي بتسليم سيفه متى دنا منه، وأن يأمره بالانصراف، ثم يطوف بعد ذلك على الفرق فيأمرها بمثل هذا الأمر.
وتقدم عرابي على ظهر جواده حتى إذا اقترب من الخديو صاح به الخديو قائلا: «انزل» فوثب عرابي من فوق جواده ومشى نحو الخديو ومن حوله نحو خمسين ضابطا، فأدى التحية العسكرية. وأشار الخديو إشارة ذات معنى إلى سيفه فأسرع عرابي بإغماده.
الموقف بالغ الرهبة، فهذا حاكم مصر المطلق يتمثل فيه الجاه الموروث وأبهة السلطان، ومن ورائه الطامعون من الأجانب، وهذا زعيم الشعب تتمثل فيه الحرية الوليدة والنهضة الجديدة، ومن ورائه الطامحون من أهل مصر جميعا.
Page inconnue