261

Fasl al-Khitab fi al-Zuhd wa al-Raqa'iq wa al-Adab

فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب

Genres

فيجب أن لا نتمادى في الضحك والمزح حتى يصبح الضحك سخرية من الآخرين والمزح اسفافًا وابتذالًا ونحن لا ندعو إلى تجنب المزاح مع الآخرين، فالنفس البشرية تحب المزح والمرح وخصوصًا أن ضغوطات الحياة اليومية تدفع بالمرء دفعًا إلى أن يقضي بعض الوقت في المزح البريء غير الجارح أو الهادم للعلاقات والمشاعر وقديمًا قالوا "للضحك موضع وله مقدار، وللمزح موضع وله مقدار، متى جازهما أحد، وقصّر عنهما أحد صار الفاضل خطلًا والتّقصير نقصًا. فالناس لم يعيبوا الضحك إلا بقدر ولم يعيبوا المزح إلا بقدر. ومتى أريد بالمزح النفع، وبالضحك الشيء الذي له جعل الضحك، صار المزح جدّا"، والضحك وقارًا."
النهي عن المزاح كذبًا ليضحك به القوم:
وقد حذر النبي من المزاح كذبًا ليضحك به القوم كما في الحديث الآتي:
(حديث معاوية ابن حيدة في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي ﷺ قال: ويلٌ للذي يُحَدِّثُ فيكذبُ ليضحك به القوم ويلٌ له ويلٌ له.
[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير.
(ويل للذي يحدث فيكذب) في حديثه
(ليضحك به القوم ويل له ويل له) كرره إيذانًا بشدة هلكته وذلك لأن الكذب وحده رأس كل مذموم وجماع كل فضيحة فإذا انضم إليه استجلاب الضحك الذي يميت القلب ويجلب النسيان ويورث الرعونة كان أقبح القبائح، ومن ثم قال الحكماء: إيراد المضحكات على سبيل السخف نهاية القباحة.
﴿تنبيه﴾: يجوز للإنسان أن يمزح إن لم يكن كثيرًا بشرط أن يكون مزحه صدقًا فإن فيه إجمامًا للقلوب وتفريجًا للكروب.
(حديث أبي هريرة في صحيح الترمذي) قالوا يا رسول الله إنك تداعبنا قال: إني لا أقول إلا حقًا.
وهاك عينات من مزاح وطرفة النبي ﷺ:
(حديث أنس بن مالك ﵁ الثابت في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي ﷺ قال: أن رجلا استحمل رسول الله ﷺ فقال: إني حاملك على ولد الناقة فقال يا رسول الله ما أصنع بولد الناقة فقال رسول الله ﷺ وهل تلد الإبل إلا النوق.
(حديث أنس بن مالك ﵁ الثابت في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي ﷺ قال له يا ذا الأذنين.

1 / 260