Fasl al-Khitab fi al-Zuhd wa al-Raqa'iq wa al-Adab
فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب
Genres
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء قال سفيان الثوري: الزهد في الدنيا هو الزهد في الناس، وأول الزهد في الناس زهدك في نفسك.
(حديث سعد بن أبي وقاص ﵁ الثابت في صحيح الترغيب والترهيب) قال: أتى النبيَّ ﷺ رجلٌ فقال: يا رسول الله: أوصني وأوجز، فقال النبي ﷺ: " عليك بالإياس مما في أيدي الناس، وإياك مما يعتذر منه".
فمن زهد في الدنيا رنا بطرفه وقلبه نعيم الجنات، وجوار الكبير المتعال.
﴿تنبيه﴾: فإن جاء من الناس للعبد شيء بدون استشراف نفس أو طمع أو تحايل فلا بأس به.
(حديث ابن عمر ﵄ الثابت في الصحيحين) قال: سمعت عمر بن الخطاب ﵁ يقول: كان رسول الله ﷺ يعطيني العطاءَ، فأقولُ أعطهِ من هو أفقر مني فقال: (خذه، إذا جاءك من هذا المال شيءٌ، وأنت غير مشرفٍ ولا سائل، فخُذهُ، وما لا، فلا تُتْبعِه نفسك)
٥ - النفس: ويقصد بذلك عدم إعجاب المرء بنفسه فيظن أنه سيخرق الأرض، أو يبلغ الجبال طولًا، فيتكبر بمنصبه أو بما أعطاه الله من صورة على خلق الله، وإنما يتواضع ويخفض جناحه للمؤمنين، كما أمر الله نبيه ﷺ (واخفض جناحك للمؤمنين) [الحجر:٨٨] (من تواضع أحدٌ لله إلا رفعه الله).
(حديث أبي هريرة ﵁ الثابت في الصحيحين) أن النبي ﷺ قال: ما نقصت صدقةٌ من مال، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزا، وما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه الله)
باب: ما ليس بزهد ويتوهم أنه زهد
يظن الكثيرون أن الزهد في ترك المال والفقر، وفي ترك الدنيا وتخليها من اليد والقعود صفرًا منها، وكله ظن خاطيء وغير صائب .. فلا يكون الزهد بترك المال كلية، ولا بترك الدنيا كلية، ولا بهجر النساء وعدم معاشرتهن أبدًا، ولا بالفقر كما يظن بعض الناس، وإليك بعض تفاصيلها
(١) لا يكون بترك المال: فترك المال وإظهار الخشونة سهل على من أحب المدح بالزهد، ومن ظن أنه يكون زاهدًا بإضاعة المال فهو جاهل لأن إضاعة المال فيما لا يحق سفه لا زهد.
1 / 160