14
كاد يضنيه طول السفر وبعد الشقة
15
لولا كرم عربي فيه أنف أن ينال منه التعب أو يمسه اللغوب.
16
وكان الحسين شابا فارها
17
طويل نجاد السيف، وسيم الوجه، قوي البناء، لم يجاوز العشرين، فوثب من فرسه ناشطا إلى القصر، وأسرع إلى أمه يقبل يديها ورأسها في حنان امتزج فيه البر بالحب، والشغف بالإشفاق، وكان حزين النفس مثقل الكاهل بالهموم، ولكنه حينما رأى وجه أمه، ولمح ما ارتسم فيه من سطور الحزن الأليم، والهلع القاتل، أسرع فبسط قليلا من أسارير وجهه، ومحا من عينيه دمعتين تحيرتا فيهما بين الانهمال والجمود، ثم جلس إلى جانبها، أخذ يدللها - كما يدلل الطفل الجازع - بعبارات أرق من الدموع. وانطلق يقول في صوت صادق النبرات لم يذهب الحزن برنينه، ولم تهزه عواصف الشجون: لقد كان السفر شاقا يا أماه، وكانت الطرق وعرة طويلة على الرغم من أننا كنا نطوي المراحل كما يطوي البرق معصرات الغمام.
18
وقد وثب علينا في الطريق جماعة من بني تميم أطمعتهم فينا قلة العدد وكثرة الغنيمة، فما كان إلا أن جردت سيفي ودعوت أصحابي إلى الوثوب، حتى فروا كما يفر الأمن من قلوب الجبناء. - أنت يا ولدي ابن أبيك حقا، ولكن هذه الشجاعة يا حسين هي التي أيتمت أبناء بني حمدان، وأيمت
Page inconnue