لقد صدقت فيما ناجت به نفسها، فلولا الدعاوى كان قرياقوس فرغ من حراثته ونكاشه معا، فهو لا يعتمد على الفلاح؛ لأنه لا يلبيه ساعة الطلب، فللفلاحة يد - أي وقت مناسب - وساعة لا تعادل غيرها، وفيها يقولون: متى باتت فاتت.
رأت التأخر باديا على كل شيء حول بيتها، فتنهدت وقالت وهي لا تعي ما تقول: صحيح، الرجل عمود البيت. وتذكرت علبة البزر، وقد كادت بيوضها تنفقص، فتجهم وجهها، وتدحرجت دمعتان من عينيها. وسمعت صياح الناس في الحقول؛ هذا يصرخ: أوهوه. زاجرا
8
فدانه لتجاوزه الحد المعلوم والخط المرسوم، وذاك يطايب بقرة عزيزة، فلا يريد أن يغلظ لها القول فيجرح عاطفتها الرقيقة فيناديها باسمها الحلو، كأنه يناجي خطيبته أو يحدث عروسا في شهر العسل، وذلك ينده
9
ابنه ليعجل عليه بالدورق أو ينادي زوجته، ويسب الدين لأن فطوره قد تأخر.
وقع في أذن مريم صوت زوج أختها، وهو يفلح كرمه في «ضهر المعصرة»،
10
فامتعضت وانقلبت إلى بيتها وهي تقول والألم يحز قلبها: كل الجمال تعارك ونحن جملنا بارك.
لم يطل همها، فما تسربلته
Page inconnue