مسكين صاحبنا فارس، مات آغا، صار أفندي شهرين زمان، ثم جرد من رتبته، وعاد آغا، بينما أناس غيره، لا يفكون الحرف ولا يعرفون الكوع من البوع،
10
صاروا بكوات، تزين أكتافهم الرمانات الذهبية، حياة! الدنيا حظ، كله قسمة ونصيب. هذا ما كان يقف عليه الآغا دائما في حديثه مع الناس. •••
كان فارس آغا ككل ضابط لبناني، يلبس بزة من الجوخ الرصاصي السميك. جاء الآغا بعد الزمن الذي كان يعرف به العسكري من نحاسة بيضاوية يحزم بها زنده، وقد كتب عليها: نفر ضابطية. أما تفاصيل البزة فهي: كبران
11
مزركش بشريط أحمر عرض الأصبع، رسمت عليه فوق الثديين زهرة كأنها ثلاث عرى مشتبكة تقوم على ساق يتلوى على الصدر. وتحت الكبران صديرية من جنسه فيها خط استواء عمودي من الشريط عينه. أما السروال فكثيرة طياته، لا هو بنطلون فرنجي ولا سروال إسكندراني، ولو لم يكن رحراحا وسيعا كسراويل زوجة بطل المقامة المضيرية، لقلت لك هو «الغولف»، فكأنهم استشاروا «ستي» حينما اختاروه، فهو أشبه بالسراويل التي يعف المتنبي عما فيها ... زناره من الشال الأحمر، والطربوش عزيزي، تتدلى من قمته شرابة سوداء تنماز من شرابات اليوم أنها تتعلق بخيط طويل، وهي قصيرة ضخمة، خيوطها غليظة.
كان سلاح العسكري اللبناني بندقية - مرتينة - تصلح جسرا في عهد الباطون المسلح، وسيفا - سنكة - يمسكه الصدأ، فيقبع في قرابه كأنه محكوم عليه بالسجن المؤبد.
أونباشينا يقرأ ويكتب، وليس أميا كأكثر الضابطية وبعض ضباط ذلك العهد؛ ولذلك كان دائما يشك في زناره دواة نحاسية من صنع بيت نفاع. في باقول
12
تلك الدواة الصفراء ليقة
Page inconnue