3
ولم يزد على ما قال.
وما انقضى الأسبوع وجاء الأحد حتى عاد الآغا، نعم عاد الآغا ومعه موكب بطبله وزمره، ونادى «الشوباصي» الذي يمشي دائما في ركاب الآغا في موسم تحصيل الميرة، فصاح في القرية: يا سامعين الصوت، جاء الآغا. الذي عليه بقوة
4
ليرة فليدفعها اليوم، ومن يتأخر يدفع القرش قرشين. خذوا حذركم، الحبس في انتظار المتأخر، والكرباج مهيأ لمن يتنفس منكم أو يتهرب.
وزاد عليه الآغا قوله: إذا حولنا عليكم فلا نخرج من عندكم إلا قابضين، نظل نحن في ضيافتكم، وتظل دوابنا على معالفكم حتى تدفعوا وترتاحوا منا. نطعمها القمح إذا لم يكن عندكم شعير، وندبح البقر والغنم متى نفدت الدجاج والأرانب.
فقال واحد: نعرف أنك واوي عتيق.
ولم يفهم الآغا ما قال فتابع خطبته: نحاسا نأخذ، وثيابا نبيع بالمزاد. نعري الذي لا يدفع حتى لا يبقى على جلده قميص، هذا عدا الضرب والحبس.
ومضت الأربع والعشرون ساعة وتفرق عسكر الآغا في الضيعة، وعلا الصياح والصراخ من هنا وهناك، فمنهم من دفع بعد قتلة، ومنهم ما اقتضى له أكثر من كف حتى بق الميرة. كانوا يعترضون على الزوائد والآغا يريد الزوائد قبل الميرة المقننة؛ لأن جعله من هذه الزوائد، فالميرة الأصلية يحبس جباتها إذا غلطوا بالجمع، ولو كان الغلط قرشا واحدا، والشيخ يعزل من وظيفته الأبدية إذا ارتكب ذلك.
وهكذا جمعت الميرة في خلال يوم واحد، وما بقي إلا الذين تعودوا ألا يدفعوا على الهينة أو الذين لهم اعتراض على بعض أرقام.
Page inconnue