الذقن والشوارب؛ فسموها «عنابة»، وكثيرا ما كانت تغتاظ إذا ناديناها بهذا اللقب المطاط. لا نصرخ يا عنابة حتى تلحسنا ما تحت ذنب الدابة. سجعة هيأتها لتدافع بها عن نفسها، فالذي لا يكفيه لحس الذنب فما عليه إلا أن يعيد الكرة فيفوز بكل ما تحته من مستودعات.
كان للهركولة خطة سير معلومة لا تحيد عنها. تكنكن
33
أكثر النهار في غرفتها، ولا تتحرك ركابها إلا عند الغروب، ولكن ببطء السلحفاة. تخالها تفكر وتتأمل وهي لا تفعل شيئا من هذا. حتى إذا قابلت زاوية الكنيسة الشرقية ترامت عليها بشوق ولذة، «تقبل ذا الجدار وذا الجدارا» كما قال الشاعر، ثم تتلو الأبانا والسلام مرتين، ولكن هذه الصلاة التقليدية لا تروي غليلها، فتلجأ إلى بلاغتها هي، وتخاطب مار روحانا بلغتها، قائلة: يا حبيب قلبي يا مار روحانا، أنا متكلة عليك يا قديس الله، احرسني، سهل أموري، بحياتك تغنيني عن الناس. رزقي عليك وحدك، أنا بنت مقطوعة ما لي غير الله وغيرك.
إن حنة تعتقد اعتقادا لا يتزعزع أن مار روحانا يسهل أمورها؛ ولهذا لم تفجع بعد بامرأة نفساء. وعرفانا لجميل القديس تفرض النذر على الحبالى فرضا، وقبل أن تضع يدها على حبلى تقول لها: اسمعي يا أختي، شرط في الحقلة ولا قتال على البيدر. أيش عندك للجار؟ لا تقول لمار روحانا؛ لأنه أصبح معروفا. فموقفها منه كموقف أبي العلاء من أبي الطيب إذ قال «الشاعر»؛ عرفنا من يعني، يستحيل أن تخلص الهركولة ولدا ما لم تأخذ من أمه شيئا لجارها.
وبعد تلك النجوى الحارة تخرج سبحتها الوردية من جيبها، وتنطلق فارهة
34
نشيطة متأكدة أنها ضمنت معاشها، وكلما قاربت بيتا عرفوها من زحفها وسعلتها وتمتمتها؛ فتتعالى الأصوات من البيوت: تفضلي يا حنة، خشي،
35
ومنهم من يدللها ويغنجها فيقول: يا حنينة، وإذا دخلت وكانوا على الأكل، وقيل لها: انطحي الزاد،
Page inconnue