ثم خففت الهمزة إما بالنقل، وإما بالحذف، فاجتمعت لامان، فأُدغمت الأولى في الثانية كراهة اجتماع المثلين، وصارت الألف واللام فيه كأنهما عوض من الهمزة المحذوفة التي هي فاء الكلمة، بدلالة أنه لا يجمع بين الألف واللام والهمزة في حال السعة والاختيار، فلزمتا ولم تفارقا الاسم كأنهما بعض حروفه، فلذلك دخل عليه حرف النداء فقيل: يا أَلله اغفر لي، مع القطع، كما يقال: يا إِله، [حتى لم يُقَلْ: يا اللهُ في الأعرف] (١).
وحرف النداء لا يدخل على ما فيه الألف واللام، لا يقال: يا الرجل، ولا يا الغلام، لأن النداء يُعَرِّفُ الاسم بالإشارة والخطاب، والألف واللام يعرفانه، فلا يجتمع على اسمٍ تعريفان مختلفان.
وقيل: أصله (لاهٌ) (٢)، على (فَعْلٍ)، ويدل على صحة هذا الوجه قول بعض العرب: لَهْيَ أبوك، يريد: لاهِ أبوك، على معنى: لله أبوك، فأخروا العين في موضع اللام تصرفًا في كلامهم، وتلعبًا بألفاظهم، والألف فيه منقلبة عن الياء، بدلالة ظهورها في قولهم: لَهْيَ أبوكَ (٣). والأصل (لَيَهٌ)، فقلبت الياء ألفًا لانفتاح ما قبلها، فبقي (لاه) فأدخلت الألف واللام عليه للتعظيم، فبقي (الله) كما ترى.
والكلمة من معنى الاحتجاب، يقال: لاهَ يَلِيهُ لَيْهًا، إذا تستر واحتجب، ولاهت العروس، إذا احتجبت، قال الشاعر: