Farhat Ghari
فرحة الغري
المقدمة
Page 8
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله مظهر الحق ومبديه ومدحض الباطل ومدجيه ومسدد الصواب ومسديه ومشيد بناءه ومعليه أحمده مجتهدا ولا أصل إلى الواجب فيه وأثني وما قدر ثنائي حسب ما يقتضيه علي ويوليه والصلاة على محمد رسوله النبي وعلى آله المقتدين بهداه فيما يذره ويأتيه.
وبعد فإن بعض من يجب حقه علي من الصدور الأماجد والأعيان الأفاضل طلب مني ذكر ما ورد من الآثار الدالة على موضع مضجع أمير المؤمنين علي( ع )وأن أذكر ذلك
Page 9
مستوفى الحدود تام الأقسام فكتبت ما وصل إليه الجهد وصدق بسطره الوعد مظهرا ذلك من داثر عنوان الدفاتر مع ضيق الوقت وتعب الخاطر مع أن الوارد من ذلك في الكتب مشتت الشمل مجهول المحل ولكني اجتهدت غاية الاجتهاد ولم آل جهدا بحيث أصل إلى مطابقة المراد ومن الله تعالى أسأل عناية عاصمة من الزلل حاسمة مواد الخطإ والخطل بمنه ورتبت الكتاب على مقدمتين وخمسة عشر بابا.
المقدمة الأولى في الدليل على أنه( ع )في الغري حسب ما يوجبه النظر.
المقدمة الثانية في السبب الموجب لإخفاء قبره( ع )وأما الأبواب فهي هذه الباب الأول في ما ورد عن مولانا رسول الله( ص )في ذلك.
الباب الثاني فيما ورد عن مولانا الإمام علي بن أبي طالب( ع )في ذلك.
Page 10
الباب الثالث فيما ورد عن الإمامين الهمامين الحسن والحسين( ع )في ذلك.
الباب الرابع فيما ورد عن مولانا الإمام زين العابدين علي بن الحسين( ع )في ذلك.
الباب الخامس فيما ورد عن الإمام محمد بن علي الباقر( ع )في ذلك.
الباب السادس فيما ورد عن الإمام جعفر بن محمد الصادق( ع )في ذلك.
الباب السابع فيما ورد عن مولانا موسى بن جعفر الكاظم( ع )في ذلك.
الباب الثامن فيما ورد عن مولانا علي بن موسى الرضا بن جعفر الصادق( ع )في ذلك.
الباب التاسع فيما ورد عن مولانا محمد بن علي الجواد( ع )في ذلك.
Page 11
الباب العاشر فيما ورد عن مولانا علي بن محمد الهادي( ع )في ذلك.
الباب الحادي عشر فيما ورد عن مولانا الحسن بن علي العسكري( ع )في ذلك.
الباب الثاني عشر فيما ورد عن زيد بن علي الشهيد رضي الله عنهفي ذلك.
الباب الثالث عشر فيما ورد عن الخليفتين المنصور والرشيد بن المهدي في ذلك ومن زاره من الخلفاء من بعده حسب ما وقع إلينا.
الباب الرابع عشر فيما ورد عن جماعة من بني هاشم وغيرهم من العلماء والفضلاء.
الباب الخامس عشر فيما ظهر عند هذا الضريح المقدس مما هو كالبرهان على المنكر من الكرامات
Page 12
المقدمة الأولى في الدليل على أنه (ع) في الغري حسب ما يوجبه النظر
الذي يدل على ذلك إطباق المنتمين إلى ولاء أهل البيت( ع )ويروون ذلك خلفا عن سلف وهم ممن يستحيل حصرهم أو يتطرق عليهم المواطاة والافتعال وهذه قضية التواتر التي يحكم عندها بالعلم وأن ذلك ثبت عندهم حسب ما دلهم عليه الأئمة الطاهرون الذين هم عمدتنا في الأحكام الشرعية والأصول الدينية ولا فرق بين ذلك وبين قضية شرعية وقد تلقيناها بالقبول من جهتهم ( ع ) بمثل هذا الطريق ومهما قال مخالفونا في هذه المقالة من ثبوت معجزات النبي( ص )وأنها معلومة له فهو جوابنا في هذا الموضع حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة ولا يقال لو كان الأمر كما تقولون لحصل العلم عندنا كما هو عندكم-
Page 13
لأنا نقول لا خلاف بيننا وبينكم أنه ( ع ) دفن سرا وحينئذ أهل بيته أعرف بقبره من غيرهم والتواتر الذي حصل لنا منهم مما دلوا عليه وأشاروا ببنان البيان إليه ولو كان الأمر كما يزعم مخالفونا لتطرق إليهم اللوم من وجه آخر وذلك أنه إذا كان عندهم أنه ( ع ) مدفون في قصر الإمارة أو في رحبة مسجد الكوفة أو بالبقيع أو بكرخ أروه (1) كان ينبغي أن يزوروه فيها أو في واحد منها ومن المعلوم أن هذه الأقاويل ليست لواحد فكان كل قائل بواحد منها على انفراده يزور أمير المؤمنين ( ع ) في ذلك الموضع كما يزور معروف الكرخي والجنيد والسري وأبا [أبو بكر الشبلي وغيرهم ولو أنه ممن يهجر زيارة الموتى أو لا يعتقد فضل أمير المؤمنين وعلو محله لما لزمه هذا الإلزام وكيف يكون التواتر حاصلا على ما تقولونه والكتب مملوءة من الاختلاف على ما قدمناه ولو فرضنا أن
Page 14
الذي صدر عنه التواتر لكم كما تزعمونه يقول خلاف ما نقوله لم نقبله لأن البحث في القبول وعدمه للمتواترات إنما هو قبل من صدر عنه وإلا للزم التناقض وخاصة إذا كان التواتر لا يلزم منه وفاق الخصم عليه وأقول أيضا أن كل ميت أهله أعلم بحاله في الغالب وهم أولى بذلك من الأباعد الأجانب فكيف إذا كان أهل البيت( ع )هم المعنون [المعنيون بهذه المعلومية وهم الذين شرفهم باذخ وعزهم شامخ وقدمهم راسخ لا يفارقهم الكتاب مرافقة أحد الثقلين للآخر اتحادا وموافقة.
وقد حكى أبو عمر الزاهد في كتاب اليواقيت عن تغلب معنى الثقلين قال سميا بذلك لأن الأخذ بهما ثقيل ولا شك أن عترته وشيعته متفقون على أن هذا هو موضع قبره لا يرتابون فيه أصلا ويرون عنده آثارا تدل على صدق قولهم وهي كالحجة على المنكر المحاول للتعطيل وأعجب الأشياء أنه لو وقف إنسان على قبر مجهول وقال هذا قبر أبي يرجع فيه إلى قوله وكان مقبولا لا ارتياب فيه عند سامعه ويقول أهل بيته المعصومون
Page 15
المعظمون الأئمة إن هذا قبر والدنا ولا يقبل منهم ويكون الأجانب الأباعد المناؤون أعلم به إن هذا من غريب القول وإذا لم يعلم المجانب قبره فهو غير ملوم لأنه إنما ستر منه وكتم عنه ولم يحط به علما ولو ادعى العلم والحال هذه كان غير صادق ولكنه لما جهل الحال كل منهم استخرج قولا وأجراه مجرى الاجتهاد في الأحكام لما رأى عنده من المرجح له وإن لم يكن له علم بالحقيقة فيه كما ذكرناه ونقل الناقل عن هذا الجاهل بالأمر على ما عنده من جهالته واستمرت القاعدة الجهلية من تلك الطبقة إلى الطبقة الثانية تلقيا لذلك الجهل الأول فأهله وأعيان خواصه أولى بالمعرفة وأدرى وهذا واضح لا إشكال فيه ولا مراء وقد ذكرنا فيما يأتي السبب الذي أوجب إخفاء قبره( ع )ولا شك أن ذلك سبب الاختلاف فيه والأئمة الطاهرون( ع )لو أشاروا إلى قبر أجنبي لقلدوا فيه فكيف وهم الأئمة والأولاد فلهم الأرجحية من جهتين ظاهرتين وهذا القدر كاف ولو أردنا تشعب المقال لأطلناه ولكن ما دل وقل أولى مما كثر فمل
Page 16
المقدمة الثانية في السبب الموجب لإخفاء قبره ع
قد تحقق وعلم ما كان قد جرى لأمير المؤمنين( ع )من الوقائع العظيمة الموجبة للشحناء والعداوة والبغضاء والحق مر وذلك من حيث قتل عثمان يوم الدار سنة خمس وثلاثين أولها الجمل وثانيها صفين وثالثها النهروان وأدى ذلك إلى خروج أهل النهروان عليه وتدينهم بمحاربته وبغضه وسبه وقتل من ينتمي إليه كما جرى لعبد الله بن خباب بن الأرت وزوجته وهؤلاء يعملونه تدينا غير متوصلين بذلك إلى رضاء أحد حتى سبوا عثمان أيضا من جهة تغيره في السنين الست من ولايته حيث لم يشكروا قاعدته فيها وذلك مذكور في كتب السير فاقتضى
Page 17
ذلك عندهم سبه وسب علي( ع )لتحكيمه وعذره في ذلك عذر النبي( ص )يوم قريظة وليس هذا موضع البحث فقتله عبد الرحمن بن عمرو بن يحيى بن عمر بن ملجم بن قيس بن مكسوح بن نفر بن كلدة بن حمير والقصة مشهورة ولما أحضر ليقتل قال الثقفي في كتاب مقتل أمير المؤمنين( ع )ونقلته من نسخة عتيقة تأريخها سنة خمس وخمسين وثلاثمائة وذلك على أحد القولين أن عبد الله بن جعفر قال دعوني أشفي بعض ما في نفسي عليه فدفع إليه فأمر بمسمار فأحمي بالنار ثم كحله فجعل ابن ملجم يقول تبارك خالق الإنسان من علق يا ابن أخ إنك لتكحل بملمول مض ثم أمر بقطع يده ورجله فقطع ولم يتكلم ثم أمر بقطع لسانه فجزع فقال له بعض الناس يا عدو الله كحلت عيناك بالنار وقطعت يداك ورجلاك فلم تجزع وجزعت من قطع لسانك فقال لهم يا جهال أما والله ما جزعت لقطع لساني ولكني أكره أن أعيش في الدنيا فواقا لا أذكر الله فيه فلما قطع لسانه أحرق بالنار فمن هذه حاله وحال أمثاله في التدين كيف
Page 18
لا يخفى قبره حذار أذى يصدر منهم إليه حتى إنه على ما أخبرني به عبد الصمد بن أحمد عن أبي الفرج بن الجوزي قال قرأت بخط أبي الوفاء بن عقيل قال لما جيء بابن ملجم إلى الحسن( ع )قال إني أريد أن أسارك بكلمة فأبى الحسن( ع )وقال إنه يريد أن يعض أذني فقال ابن ملجم والله لو مكنني منها لأخذتها من صماخه فإذا كان هذا فعاله في الحال التي هو عليها مترقبا للقتل وحقده إلى هذه الغاية فكيف يكون من هو مخلى الرابطة فهذه حال الخوارج الذين يقضون بذلك حق أنفسهم فكيف يكون حال أصحاب معاوية بن أبي سفيان وبني أمية والملك لهم والدولة بيدهم هم ملاك زمامها وعلى رءوسهم منشور أعلامها يجبى إليهم ثمرات التقربات ويرون المبالغة في إعفاء الآثار من أعظم القربات- ويدل على الأول ما ذكره عبد الحميد بن أبي الحديد المدائني في شرح نهج البلاغة فقال قال أبو جعفر الإسكافي إن معاوية بذل لسمرة بن جندب مائة ألف درهم حتى يروي أن هذه الآية نزلت في علي ع ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على
Page 19
ما في قلبه وهو ألد الخصام. وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وأن الآية الثانية نزلت في ابن ملجم لعنه الله- ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله فلم يقبل فبذل له مائتي ألف فلم يقبل فبذل له ثلاثمائة ألف فلم يقبل فبذل له أربعمائة ألف فقبل.
ويدل على الثاني ما ذكره الثقفي في الكتاب المذكور قال حدثنا إسماعيل بن أبان الأزدي قال حدثنا عتاب بن كريم التميمي قال حدثنا الحرث بن حضيرة قال حفر صاحب شرطة الحجاج حفيرة في الرحبة فاستخرج شيخا أبيض الرأس واللحية فكتب إلى الحجاج أني حفرت فاستخرجت شيخا أبيض الرأس واللحية وهو علي بن أبي طالب فكتب إليه الحجاج كذبت أعد الرجل من حيث استخرجته فإن الحسن بن علي حمل أباه من حيث خرج إلى المدينة.
أقول وهذا غير صحيح لأن نبش الميت لا يجوز بعد دفنه فكيف يفعل ما لا يجوز فهذا كاف في البطلان وهذا الخبر
Page 20
أوردناه شاهدا على تتبعهم له إلى هذه الغاية ولو ترجح في خاطره أنه هو لأظهر المختلف فيه ولا اعتراض به ولا بما ورد في أمثاله من النقل في قول أبي اليقظان إنه في قصر الإمارة ولا إنه مدفون بالرحبة مما يلي أبواب كندة ولا إلى ما قاله الفضل بن دكين إنه بالبقيع ولا إلى ما قاله صاحب قرعة الشراب إنه( ع )بالخيف ولا إلى ما قاله إنه بمشهد جوخى زاروه (1) قريبا من النعمانية ولا إلى ما قاله الخطيب عن بعضهم إن طيا نهبوه فتوهموه مالا لأنها أقوال مبنية على الرجم بالغيب إن يظنون إلا ظنا وما لهم به من علم وسيأتي تحقيق ذلك وصحة النقل به.
قال المولى المعظم فريد عصره ووحيد دهره غرة آل أبي طالب غياث الدنيا والدين أبو المظفر عبد الكريم بن أحمد بن طاوس رحمه الله جامع الكتاب أدام الله إقباله وبلغه في الدارين آماله والذي بنى مشهد الكرخ سباهي الحاجب مولى شرف الدولة أبي الفوارس عضد الدولة وبنى قنطرة الياسرية ووقف
Page 21
دباهي على المارستان وسد شق الخالص وحفر ذنابة دجيل وساق الماء إلى موسى بن جعفر( ع )ولا يقال إن الحجاج إنما تركه لكونه عنده معلوما أنه بالبقيع لأنني أقول لو كان كذلك كما قال لكان ظاهرا مشارا إليه أو كان الأئمة( ع )قد دلوا بعد مدة عليه وإنما كلامه على الظنة ولا ريب أن الستر أوجب ذلك وحصل بحمد الله وحال الحجاج وما فعله مع شيعة علي وتتبعه لهم أظهر من أن يدل عليه ورأيت حكاية يليق ذكرها ذكرها والدي رضي الله عنه في كتابه نور الأقاحي النجدية فقال هشام بن السائب الكلبي عن أبيه قال أدركت بني أود وهم يعلمون أبناءهم وخدمهم سب علي بن أبي طالب( ع )وفيهم رجل من رهط عبد الله بن إدريس بن هاني فدخل على الحجاج بن يوسف يوما فكلمه بكلام فأغلظ له الحجاج في الجواب فقال له لا تقل هذا أيها الأمير فلا لقريش ولا لثقيف منقبة يعتدون بها إلا ونحن نعتد بمثلها قال له وما مناقبكم قال ما ينقص عثمان ولا يذكر بسوء في نادينا قط قال هذه منقبة-
Page 22
قال وما رؤي منا خارجي قط قال ومنقبة قال وما شهد منا مع أبي تراب مشاهده إلا رجل واحد فأسقطه ذلك عندنا وأخمله فما له عندنا قدر ولا قيمة قال ومنقبة قال وما أراد منا رجل قط أن يتزوج امرأة إلا سأل عنها هل تحب أبا تراب أو تذكره بخير فإن قيل إنها تفعل ذلك اجتنبها فلم يتزوجها قال ومنقبة قال وما ولد فينا ذكر فسمي عليا ولا حسنا ولا حسينا ولا ولدت فينا جارية فسميت فاطمة قال ومنقبة قال ونذرت منا امرأة حين أقبل الحسين إلى العراق إن قتله الله أن تنحر عشر جزور فلما قتل وفت بنذرها قال ومنقبة قال ودعي رجل منا إلى البراءة من علي ولعنه فقال نعم وأزيدكم حسنا وحسينا قال ومنقبة والله قال وقال لنا أمير المؤمنين عبد الملك أنتم الشعار دون الدثار وأنتم الأنصار بعد الأنصار قال ومنقبة قال وما بالكوفة إلا ملاحة بني أود فضحك الحجاج قال هشام بن السائب الكلبي قال لي أبي فسلبهم الله ملاحتهم آخر الحكاية.
أقول وقد كان معاوية بن أبي سفيان يسب علي بن أبي
Page 23
طالب( ع )ويتتبع أصحابه مثل ميثم التمار وعمرو بن الحمق وجويرية بن مسهر ورشيد الهجري ويقنت بسبه في الصلاة.
أخبرني العدل محمد بن محمد بن علي بن الزيات الواعظ عن الحسن بن إسحاق بن موهوب الجواليقي عن القاضي محمد بن القاضي عبد الله بن محمد بن القاضي عبد الله بن محمد بن البيضاوي عن المبارك بن عبد الجبار الصيرفي عن أحمد بن عبد الواحد الوكيل عن أبي الحسن علي بن محمد بن هشام الشيباني عن سليمان بن الربيع بن هشام النهدي عن نصر بن مزاحم التميمي في كتاب صفين قال كان معاوية إذا قنت لعن عليا وابن عباس وقيس بن سعد والحسن والحسين ولم ينكر ذلك عليه أما خوفا من مؤمن أو اعتقادا من جاهل وكان عبد الله بن يزيد بن أسد بن كريز بن عامر بن عبد الله بن عبد شمس بن غمغمة بن جرير بن شق بن صعب بن مسكن بن رهم بن أفوك بن بدير بن قسر القسري يقول على المنبر العنوا علي بن أبي طالب فإنه لص بن لص بضم اللام فقام إليه أعرابي فقال والله ما أعلم من شيء أعجب من سبك علي بن أبي
Page 24
طالب( ع )أم معرفتك بالعربية.
وقال الكراجكي في كتاب التعجب ما معناه مسجد الذكر بمصر وهو معروف في موضع يعرف بسوق وردان وإنما سمي مسجد الذكر لأن الخطيب سها يوم الجمعة عن سب علي بن أبي طالب( ع )على المنبر فلما وصل إلى موضع المسجد المذكور وذكر أنه لم يسبه فوقف وسبه هناك قضاء لما نسيه فبني الموضع وسمي بذلك وقال مررت به في بعض السنين فرأيت فيه سرجا كثيرة وآثار بخور وذكر لي أنه يؤخذ من ترابه ويستشفى به ثم جدد بنيانه بعد ذلك وعظم أمره ويسمون إلى الآن يوم الجمعة يوم السب بالشام فاقتضى ذلك أن أوصى بدفنه( ع )سرا خوفا من بني أمية وأعوانهم والخوارج وأمثالهم فربما لو نبشوه مع علمهم بمكانه حمل ذلك بني هاشم على المحاربة والمشاققة التي أغضى عنها( ع )في حال حياته فكيف لا يرضى بترك ما فيه مادة النزاع بعد وفاته وقد كان في طي قبره فوائد لا تحصى غير معلومة لنا بالتفصيل وقد عرفت قصة الحسن( ع )في
Page 25
دفنه بالبقيع حيث أوصى بذلك إن جرى نزاع في دفنه عند جده طلبا لقطع مواد الشر فلما علم أهل بيته ( ع )أنه متى ظهر وعرف لم يتوجه إليه إلا التعظيم والتبجيل لا جرم أنهم أظهروه ودلوا عليه من حيث اعتمدوا ذلك وزال الخوف والحذر بدليل وجود التعظيم والزيارة له والميل بالقلوب من حيث ظهروا إلى الآن وكلما جاء الأمن زاد التعظيم وكثر وهذا كاف إن شاء الله للمنصف وستأتي أحاديث تدل على هذا ذكرت في مواضعها
Page 26
الباب الأول فيما ورد من ذلك عن مولانا رسول الله ص
رأيت في كتاب عن الحسن بن الحسين بن طحال المقدادي قال روى الخلف عن السلف عن ابن عباس أن رسول الله( ص )قال لعلي( ع )يا علي إن الله عز وجل عرض مودتنا أهل البيت على السماوات فأول من أجاب منها السماء السابعة فزينها بالعرش والكرسي ثم السماء الرابعة فزينها بالبيت المعمور ثم سماء الدنيا فزينها بالنجوم ثم أرض الحجاز فشرفها بالبيت الحرام ثم أرض الشام فشرفها ببيت المقدس ثم أرض طيبة فشرفها بقبري ثم أرض كوفان فشرفها بقبرك يا علي فقال يا رسول الله أقبر بكوفان العراق فقال نعم يا علي تقبر بظاهرها قتلا بين
Page 27