Le papillon et le char et autres histoires
الفراشة والدبابة وقصص أخرى: مختارات قصصية من الأعمال القصصية الكاملة لإرنست
Genres
وفي هذه الأثناء، حين كان «إنريكي» يربط سكيني اللحم ثقيلي النصل، مرهفي الحد، إلى قدمي المقعد في إحكام بمنشفتين مستعملتين حول النصف الأسفل من كل سكين، يلفهما بإحكام ويعقد عليهما، كانت أختا «باكو»، الخادمتان، في طريقهما إلى السينما لمشاهدة «جريتا جاربو» في فيلم «آنا كريستي». وكان واحد من القسين يجلس في ملابسه الداخلية يقرأ في كتاب الصلوات، والآخر يرتدي قميص نوم ويتلو صلواته على المسبحة، بينما ذهب جميع المصارعين ما عدا ذلك المريض إلى مقهى «فورنوس» حيث كان الفارس الضخم الأسود الشعر يلعب البلياردو، والمصارع الرزين القصير القامة يجلس إلى مائدة مزدحمة وأمامه القهوة واللبن، ومعه راشق السهام متوسط العمر، وعمال جادون آخرون.
وكان الفارس الأشيب الرأس الذي يفرط في الشراب جالسا وأمامه كأس من نبيذ «كاتلاس»، يحملق في سرور في المائدة التي جلس إليها المصارع الذي تخلت عنه شجاعته مع مصارع آخر نبذ السيف ليعود راشقا للسهام، ومعهما اثنتان من العاهرات تبدو عليهما مظاهر التعب.
ووقف الدلال على جانب الطريق يتحدث مع بعض الأصدقاء، وكان الساقي طويل القامة في اجتماع نقابة الفوضويين ينتظر فرصة للحديث. وجلس الساقي متوسط العمر في شرفة مقهى «ألفاريث» يشرب زجاجة صغيرة من البيرة. وكانت المرأة التي تملك خان «اللواركا» نائمة في فراشها، ترقد فيه على ظهرها والوسادة تحت قدميها: ضخمة، سمينة، شريفة نظيفة، سهلة التعامل، في غاية التدين، ولم تفتها تلاوة الصلاة كل يوم لزوجها الذي مات منذ عشرين عاما. وكان المصارع المريض في غرفته، وحيدا، يرقد على فراشه ووجهه إلى أسفل، وقد أسند منديلا إلى فمه.
والآن، في حجرة الطعام الخالية، ربط «إنريكي» العقدة الأخيرة في المنشفتين اللتين طوقتا السكينين إلى قدمي المقعد، ثم رفع المقعد، ووجه الأرجل وعليها السكينان إلى الأمام، وأمسك بالمقعد فوق رأسه، وطرفا السكينين متوجهان إلى الأمام مباشرة، واحد من كل جانب من رأسه، كقرني الثور تماما.
قال: إنهما ثقيلان، انظر يا باكو ... إنهما خطيران جدا ... لا تفعل ذلك. كان ينضح عرقا.
ووقف «باكو» في مواجهته، ممسكا بالميدعة ناشرا إياها وقد أمسك بثنية منها في كل يد، وإبهاماه إلى أعلى، والأصبع الأول إلى أسفل، ناشرا إياها ليجذب انتباه الثور.
قال: اهجم مباشرة، در كالثور، اهجم مرات عديدة كما تريد.
وسأل إنريكي: ولكن، متى ستعرف المرة التي يجب أن تصد فيها الهجوم؟ من الأفضل تحديدها بثلاث مرات ثم تقوم بنصف دورة بعدها.
قال باكو: حسن، ولكن اهجم مباشرة ... ها ... أيها الثور! تعال، تعال أيها الثور الصغير.
وأقبل «إنريكي» نحوه وقد خفض رأسه إلى أسفل، وهز باكو الميدعة بمحاذاة نصل السكين حين مر بالقرب من بطنه، اجتازه كأنه بالنسبة له قرن حقيقي، أبيض الطرف، أسود، ثقيل. وحين مر به «إنريكي» ودار ليهجم ثانية عليه، كان ثورا حار الدماء هو الذي يهاجمه، فدار كالقط وأتاه ثانية وهو يهز الوشاح في بطء، ودار الثور وهاجم مرة أخرى، وتقدم «باكو» بقدمه بوصتين وهو يراقب النصل المشرع، ولكن السكين لم يمر، بل انحرف وغاص في جسده كما لو كان زق خمر. وتفجر انبثاق حار مبخر فوق كتلة النصل الداخلية وحولها، وهتف إنريكي: آه، آه، دعني أخرجه.
Page inconnue