Le papillon et le char et autres histoires
الفراشة والدبابة وقصص أخرى: مختارات قصصية من الأعمال القصصية الكاملة لإرنست
Genres
في ذلك الوقت، كان بالخان ثلاثة مصارعين، واثنان من فرسان المصارعة البارعين، وراشق سهام ممتاز. وكان «اللواركا» مكانا باذخا بالنسبة لفرسان المصارعة وراشقي السهام الوافدين من «إشبيلية» يبحثون عن سكن مع أسرهم خلال فصل الربيع، إلا أن أجرهم كان كبيرا، ولهم عمل ثابت مع مصارعين مثقلين بعقود عمل كثيرة خلال الموسم القادم. ولا شك أن دخل كل من هؤلاء الثلاثة «الملازمين» سيفوق دخل أي من المصارعين الثلاثة الآخرين. كان مصارع من المصارعين الثلاثة مريضا ويحاول إخفاء مرضه، والآخر قد ولت أيام شهرته القصيرة ككل شيء مستحدث، وكان ثالثهم جبانا.
وكان الجبان شجاعا يوما ما إلى درجة غير عادية وماهرا للغاية ، إلى أن أصابه قرن ثور قاس عنيف بجرح في أسفل بطنه في بداية موسمه الأول كمصارع كامل الأهلية، وكان لا يزال عالقا به بعض عاداته التي تعود إلى أيام نجاحه. كان مرحا إلى حد التطرف، يضحك دوما بسبب وبلا سبب. وكان في أيام نجاحه مدمنا على تدبير المقالب لأصدقائه، ولكنه ترك تلك العادة الآن، فمن المؤكد أنه لم يعد يشعر بميل إليها. وكان هذا المصارع ذا وجه ذكي صريح، وكانت تصرفاته يشوبها شيء من الادعاء.
وكان المصارع المريض حريصا على إخفاء ما يدل على مرضه، ويحرص على أن يتذوق كل صنف من أصناف الطعام التي تقدم على المائدة. وكانت لديه مجموعة كبيرة من المناديل يغسلها ويكويها بنفسه في حجرته. وقد بدأ أخيرا في بيع حلل المصارعة التي يحوزها، فباع واحدة منها بثمن بخس قبل عيد الميلاد، وثانية في الأسبوع الأول من أبريل. كانت حللا باذخة، طالما اعتنى بها. وكانت لديه واحدة أخرى باقية. وقبل أن يصيبه المرض، كان عمله يبشر بالخير كمصارع، حتى ولو من ناحية الإثارة. ورغم أنه لا يعرف القراءة، فقد كان يحتفظ بقصاصات صحف تقول عنه أنه خلال ظهوره لأول مرة في مدريد كان أحسن من المصارع الشهير «بلمونتي». كان يتناول طعامه وحيدا على مائدة صغيرة، ولا يكاد يرفع عينيه إلى ما أمامه.
وكان المصارع الذي كانت طريقته حدثا - يوما ما - قصيرا جدا، أسمر اللون، بالغ الرزانة. وكان يتناول طعامه أيضا على مائدة منفصلة، ونادرا ما يبتسم، ولا يضحك أبدا. كان من «بلد الوليد» حيث يسود الناس الجد. وكان مصارعا ماهرا، غير أن طريقته قد أصبحت قديمة حتى قبل أن ينجح في اجتذاب حب الجمهور عن طريق مزاياه من الشجاعة والقدرة والرصانة، ولم يعد وجود اسمه في الإعلانات الآن يجتذب أي امرئ إلى حلبة المصارعة. وكان الشيء الجديد فيه أنه قصير جدا حتى إنه لا يكاد يرى ما وراء كاهل الثور. غير أنه كان هناك عدد آخر من المصارعين قصار القامة، ولم ينجح هو في فرض نفسه على مزاج الجمهور.
أما فارسا المصارعة، فكان أحدهما نحيفا ذا وجه كوجه الصقر، رمادي الشعر، خفيف البنية، ذا ذراعين وساقين في صلابة الحديد، يرتدي أحذية رعاة، ويشرب حتى الثمالة كل مساء، محدقا في كل امرأة في الخان في وجد وهيام. أما الآخر فكان ضخما، أسمر الوجه، وسيم الشكل، ذا شعر أسود كالهنود ويدين كبيرتين. كان كل منهما فارس مصارعة عظيما، رغم ما قيل عن الأول من فقدانه الكثير من قدرته بسبب الشراب والتبذل، وما قيل عن الثاني أنه صعب المراس ميال إلى الشجار، حتى لا يكاد يستمر في العمل مع أي مصارع أكثر من فصل واحد في الموسم كله.
وكان راشق السهام رجلا في أواسط العمر، سنجابي اللون، سريع الحركة رغم تقدمه في العمر، وكان يبدو إذ يجلس إلى المائدة رجل أعمال على شيء من يسر الحال. وكانت قدماه لا تزالان صالحتين للعمل في هذا الموسم، وكان من الذكاء والخبرة بمكان حتى إن باستطاعته أن يعمل بانتظام حين تذهب السنون بصلابتهما. ولن يكون ثمة فرق حين تذهب سرعة قدميه عن الآن سوى أنه سيكون خائفا على الدوام، بينما هو الآن هادئ واثق من نفسه في الحلبة وفي خارجها.
وفي هذه الليلة، كان الجميع قد غادروا غرفة الطعام ما عدا الفارس ذا وجه الصقر الذي يفرط في الشراب، ودلال الساعات ذا الوجه الذي ينم عن مكان نشأته، والذي يعمل متنقلا في مهرجانات إسبانيا وأعيادها، وكان يفرط في الشراب هو الآخر، وقسين من جليقية جلسا إلى مائدة في الزاوية يشربان في سعة، إن لم يكن في إفراط. وفي ذلك الزمان، كان النبيذ داخلا في حساب الإقامة في «اللواركا». وكان الساقيان قد جلبا لتوهما زجاجات جديدة من «الفالدبينياس» إلى مائدة الدلال، ثم إلى مائدة الفارس، وأخيرا إلى مائدة القسين.
وقف السقاة الثلاثة في نهاية الحجرة، وكانت القاعدة المتبعة في ذلك الخان أن يبقوا في الخدمة حتى ينهض الزبائن من الموائد التي تدخل خدمتها في نطاق عمل كل منهم، غير أن ذلك الذي كان يقوم على مائدة القسين كان مرتبطا بموعد لحضور اجتماع نقابة «الفوضويين»، ووافق «باكو» على أن يحل محله في خدمة تلك المائدة.
وفي الطابق العلوي، كان المصارع المريض يرقد وحيدا على فراشه ووجهه إلى أسفل. وجلس المصارع الذي لم يعد حدثا ينظر من النافذة مستعدا للخروج إلى المقهى، بينما كانت أخت «باكو» الكبرى في حجرة المصارع الثالث الجبان، وكان يحاول إقناعها بالقيام بشيء ترفضه وهي تضحك. كان يقول لها: «هيا أيتها المتوحشة الصغيرة.»
وقالت الأخت: كلا، لماذا أفعل ذلك؟ - من أجلي. - لقد أكلت وتريد الآن أن تحلي بي. - مرة واحدة، ما الضرر في ذلك؟ - دعني، قلت لك دعني. - إنه أمر بسيط للغاية. - قلت لك دعني.
Page inconnue