والوعيد ضده (1) قوله: (وإن من أحسن أو أساء ثم مات مخلدا فيما وعد وتوعد في الآيات والروايات والبعد) بيان هذا مذهبنا وهدر غيرنا في أهل الجنة والكفار من أهل النار واختلف في الفساق فذهب أهل البيت -عليهم السلام- والجمهور إلى أنهم كذلك وخالف في ذلك المرجئة وافترقوا ثلاثا ففرقة جوزوا دخولها وعدمه بتجويز العفو عنهم وإذا أدخلوا جاز أيضا خروجهم وهو ومذهب أبي القاسم البستي( ) من الزيدية وقطع الفرقة الثانية على دخولهم النار وجوزوا والخروج فرقتين الكفر والفسق وجوز الثالثة العفو عن البعض وإذا عفى عن البعض قطع بالعفو عن الكل قالوا: وإلا فعل المحاباة وهي لا تجوز وجملة ما احتج به هؤلاء قوله تعالى [ ] { لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى } (2) وقوله تعالى [ ] { وأما الذين شقوا ففي النار خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض } (3) ومن السنة ما روي عنه -صلى الله عليه وآله وسلم- من قوله [ ]((يخرج رجل من النار بعد أن يذهب خيره وشره)) (4) ورووا أيضا قوله: [ ]((يخرج قوم من النار ما امتحنوا فحما وحمما)) (5)والدليل على صحة مذهبنا وإلا كان الكذب وهو من القبيحات يعني وإن لم يدخلوا ويخلدوا حصل الكذب من الله تعالى عن ذلك لأنه قد نطق بذلك بأن الدخول والخروج [17ب -أ]سيكونان فلو لم يكونا حصل الكذب والله يتعالى فأما آيات الدخول فأكثر من أن تعصي لكل من الفريقين يعني من أهل الجنة والنار وأما آيات الخلود إما للمتقين والكفرة فكذلك أيضا وأما للفاسقين فقوله تعالى: [ ] { ومن يعصي الله ورسوله ويتعدى حدوده } (1) الآية فإن قالوا أنه يريد الكفار قلنا من غير العموم ولا شك أن من فعل فاحشة ممن صدق الرسول فقد عصى والدليل يفيد العموم أنها تفيد العموم أنه كان يصح أن يقول إلا من فعل كذا فإن قلت: وما يؤمنك أن المراد بالخلود طول مدة وتكون متناهية قلت: قوله تعالى [ ] { وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد } (2) تكذب تلك الآية المعلوم أنه نفى تعالى نفيا دائما لا منقطعا لأنه قد أبقى غيره من قبله بقاء منقطعا منهم الخضر -عليه السلام- ويؤيد ما ذهبنا إليه من الخبر قوله -صلى الله عليه وآله وسلم- من الخبر من.....في يده يتحشاه في النار خالدا مخلدا) إلى غير ذلك وأما الجواب عن شبهة الخصم أما الآية فجوابها أن في جهنم أودية يختلف في عظم العذاب نعوذ بالله منها فأراد هاهنا وأديا معظما لهذا الذي ذكر وكان يلزمكم أن لا يدخلها الفساق رأسا لأنه قال:[ ] { لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى } (3) والمعلوم خلافه عندنا وعند جمهورهم وأما قوله تعالى:[ ] { ما دامت السموات والأرض } فجوابها أن المراد سماء الأخرة وأرضها وهما دائمان، وأن الله جل وعز خاطب العرب بمثل ما يتخاطبون به لأنهم كانوا يقولون لا حسبك ما دامت السموات والأرض أو مائل النحر صوفه أو ما لمع بارق فالمراد بهذا كله الدوام ويلزم من ذلك أن لا يخلد أهل الجنة وليس من مذهبهم لقوله: [ ] { وأما الذي سعدوا ففي الجنة } (1) الآية فثبت ما قلنا وبالله التوفيق.
0المسألة الثانية:
قوله: (وإن ذوي الكبائر من الخطيئات لا يسمون كفارا) هذا مذهبنا وسمتهم الخوارج كفار واحتجوا بقوله تعالى:[ ] { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين } (2) قالوا فيكفر لهذا تارك الحج وهو الفاسق عندكم وبقوله تعالى:[ ] { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } والفاسق لم يحكم بما أنزل والدليل على صحة مذهبنا قوله: (لجواز نحو أن أكون منا ومنهم المنكوحات) يعني أنه بذلك أنه يجوز إنكاحهم والاستنكاح منهم وإنما قال (نحو) يشير إلى الأحكام الباقية نحو قبرهم في مقابر المسلمين وشرع اللعان (3) بينهم والكافر تفسخ زوجته من دون حاكم ونحو ذلك والكفر: اسم مخصوص لمعاني مخصوصة أعني في العرف وهو الجحد لله تعالى ولرسله ولشيء من خلقه ويتبعه أحكام مخصوصة مفصلة في الفقه فلما كان لهذه المعاني التي تبعتها تلك الأحكام لم يطلق على الفاسق لعدمها فيه قوله: (ولا مؤمن) وخالف في ذلك المرجئة قالوا: لأنه لو كان من فعل الواجب وترك القبيح لقبل الباري مؤمنا لأنه كذلك وخالف الجميع الحسن البصري (4).
Page 71