ريش الطير ينبت في قرون الأيل البيضاء
وجه الكائن البشري يطلع من
جناح الطائر المائي ...
ترسمنا الغيوم على وتيرتها
وتختلط الوجوه مع الرؤى
لم يكتمل شيء ولا أحد، فبعد هنيهة
ستصير صورتك الجديدة صورة النمر
الجريح بصولجان الريح ...
ما الذي يقوله درويش في هذه القصيدة؟ هل هي مجرد لعب مع الصور البصرية للغيوم ؟ أو لعل صور القصيدة هي مجرد معادلات موضوعية لمشاعر ما لم يفصح عنها بشكل مباشر. أو لعله يشير إلى بعض تأملاته عن العالم - باعتباره متغيرا ومتقلبا على الدوام - من خلال ما يبدو كوصف بسيط للغيوم. هل يتحدث درويش هنا عن السحب؟ أم عن العالم؟ أم عن ذاته؟ أم عن كل هذه الأشياء؟ ربما يكون الحديث عن أمر مختلف تماما. القصيدة هنا تحتمل التأويلات، وكما قد يشاهد الشاعر العالم فيرى ذاته، قد يطالع القارئ القصيدة فيرى نفسه، فيختار التأويل أو التأويلات التي تتواصل معه بشكل أكبر.
إنها قصيدة تحمل حس اللعب الذي تحدثنا عنه، قصيدة لا تقول خطبا، ولا تلخص مقالا، لكنها تحمل فكرة. لا تصرخ لكنها تعبر عن مشاعر، والأهم أنها تحمل حس اللعب، تحمل الدهشة والجدة، كحال القصائد الجيدة دائما. القصيدة أيضا تعبر عن الحالة التي وصفها دافنشي؛ النظر إلى غيوم درويش هنا يشبه النظر إلى حائط دافنشي، نشاهد في الحالتين «انبثاق الشكل ... من عبثية اللاشكل»:
Page inconnue