Moby-Dick ، التي توقع كاتبها حين نشرها لأول مرة عام 1851 أن تكون تتويجا للنجاحات النسبية التي لاقتها أعماله السابقة، لم تنل نجاحا يذكر أثناء حياته. لم تحقق الرواية نجاحا كبيرا على مستوى المبيعات، ولم يستقبلها أغلب النقاد وقتها استقبالا حسنا. بعد كتاب رايموند ويفر ظهرت مجموعة من الدراسات الأخرى، عن الكاتب وعن رواياته، لفتت له الأنظار من جديد.
بعض الكتب التي تنجح في الحصول عليها من باعة الكتب القديمة لا توجد منها طبعات حديثة، نفدت ولم يهتم أحد بإعادة طبعها، دون أن يعني ذلك أنها غير مهمة أو غير قيمة؛ لكن هذا هو حال الأشياء، كما يحدث مع البشر. قد تحيرك الطريقة التي توزعت بها حظوظ الكتب المختلفة من الاهتمام. قد يكون الكتاب القديم الذي تلتقطه بالصدفة دون سابق معرفه به أو بكاتبه إحدى الصدف السعيدة للغاية، التي تعرفك بكاتب مبهر، أو بكتاب سيصير عزيزا على قلبك.
3
تكتشف أن بعض الكتب التي ترجع إلى عقدين أو أكثر لم يقرأها أحد، ارتحلت عن مالكها إلى مكتبتك، أو ربما تنقلت بين أكثر من مالك قبل أن تصل إليك، لكن صفحاتها التي ما زال بعضها ملتصقا ببعض منذ لحظة طباعتها تكشف أنها لا تزال بكرا. تفكر: كم من كتاب تملكه أنت، سترحل عن الدنيا قبل أن تتمكن من قراءته؟ تفكر أيضا: إن البعض يخلص لاقتناء الكتب أكثر من إخلاصه لقراءتها.
4
في السنوات الأخيرة ظهرت إلى الوجود أشكال جديدة من الكتب، وهي الكتب الإلكترونية، ومعها ظهرت إشكالية جديدة تتصل بالكتب المستعملة الإلكترونية ومفهومها وكيفية التعامل معها. من الواضح أنه في حالة الكتاب المستعمل الورقي، هناك فارق متوقع بين النسخة التي تشتريها من الناشر مباشرة، والنسخة المشتراة من باعة الكتب المستعملة. يتمثل الفارق في أن عامل الزمن يؤثر على الكتب وتماسكها؛ وبالتالي يمكن القول إن سوق الكتب المستعملة في حالة الكتب الورقية هذه لا تشكل نفس الخطر الذي تمثله الكتب المستعملة الإلكترونية التي لا تختلف عن النسخة الأصلية التي يبيعها الناشر مباشرة. أيضا الطبيعة المادية للكتاب الورقي تجعل فكرة ملكية من يشتريه أكثر وضوحا من حالة الكتاب الإلكتروني، الذي صار الناشرون الآن يؤكدون على أن ما يحدث هو حق استخدام، لا شراء بالمعنى التقليدي، بمعنى أنك تستطيع اقتناءه وقراءته، لكنك لا تستطيع إعارته، أو بيعه، أو التبرع به.
عند مناقشة قضية إعادة بيع المواد الإلكترونية يتم الإشارة عادة إلى تجربة موقع
ReDigi ؛ الموقع الذي قامت فكرته على بيع الأغاني المستعملة بعد الاستماع إليها. القضية وصلت إلى ساحات المحاكم بعد شكوى شركة
Capitol Records ، التي حكم فيها القاضي في إحدى المحاكم الأمريكية بأن الأمر في هذه الحالة يخرق حقوق الملكية؛ لأنه حتى في حالة مسح الكتاب من الحاسب الأصلي فور بيعه، فإن ما يتم هنا هو عملية نسخ للكتاب. ورغم ذلك فالفكرة لا تزال مثيرة للجدل؛ نظرا لطبيعتها الخاصة، ولذلك فهناك محاكم أوروبية كانت لها أحكام مختلفة بعض الشيء في قضايا مشابهة؛ منها حكم محكمة في أمستردام برفض شكوى أحد الناشرين ضد موقع لبيع الكتب المستعملة 2014 مملوك لتوم كابينت
Tom Kabinet . واعتبرت المحكمة أن بيع الكتب المستعملة أمر مسموح به. لكن نفس الموقع تم إغلاقه في بداية هذا العام لحين التأكد من أن الكتب الموجودة عليه تم الحصول عليها بشكل قانوني، خصوصا بعد أن تم التأكد من أن بعض المواد الموجودة عليه غير قانونية، وبعضها ليس متاحا للبيع بشكل إلكتروني من الأساس. لكن هل عملية التأكد من قانونية كل الكتب الموجودة على موقع يعتمد على الكتب التي يقوم مستخدمون من كافة الأرجاء برفعها للموقع ممكنة أصلا؟
Page inconnue