راعي الغنم :
المعز معزك، وأما أنا فنصيبي من الحياة غير نصيبك، فتلك الغنم هي مصدر بلواي، أسرح بها مرتين في النهار، وكلما عدت وجدت سيدي في انتظاري، والظنون تساوره وقد عز رضاه: «لم ينم صوفها، لقد ضوت أجسامها، وتثاقلت خطاها، و... و...» فلا شيء يروقه. إذا سقط بها ذئب واختطف واحدة منها موليا إلى الغابة فالذنب ذنبي، لقد كان علي أن أغالب أنيابه الماضية، بل من واجبي أن أستأنس الذئاب!! ثم ينهال علي صياحا وتهديدا وسبابا وقسوة مبرحة يسميها عقابا.
راعي المعز :
لقد عهدت الآلهة رءوفة بالبريء، فلم تهجر رحابها وفي رحابها نصر للمستضعفين! لم لا تأتي إلى مذابحها وقد حلتها الزهور فترقص معنا حولها، وقد حملت إليها متواضع الهدايا، قليلا من حشائش المروج وزهر الغابات، وأنت بذلك نائل عطف «زيس» وعرائس الطبيعة الرحيمة.
راعي الغنم :
لا، إن قلبي الحزين لا يعرف رقص الرعاة ولا ألعابهم ولا مسراتهم، كل ذلك غريب عني، وفيم حديثك عن الآلهة وهداياها، أو عن عرائس الطبيعة، وما عندي للآلهة ورد ولا ريحان؟ إني أخشى آلهتك وقد رأيت رعدهم وبرقهم، وهم الذين وضعوا بيدي الأصفاد.
راعي المعز :
هه! ولم لا تحب؟ وأي ألم مر يقوى على ابتسامة عذبة تبسمها عذراء القلب؟! لقد أتيت أول أمس إلى حبيبتي مهديا باكورة ما أنتجت معزى هذا العام؛ ماعزا صغيرا، تلقته وقد استحالت نظراتها رقة وجمالا ومحبة، وأخذ صوتها نبرة لا أزال أحس بوقعها الجميل في نفسي.
راعي الغنم :
وأي عذراء تقبل أن تنظر إلي، أعندي من المعز ما أستطيع أن أقدم منه هدية مثلك؟ وكل يوم يعد سيدي الفظ الغليظ حملانه في حرص بشع حتى ليثلج قلبي عندما لا يطالبني بأكثر مما أعطاني. «تميزيس» آلهة الانتقام! أقسم أن لو أصبحت يوما سيدا لأكونن قاسيا فظا غليظا، ولأنزلن الويل والثبور بأرقائي كما أنزل بي هذا الرجل.
Page inconnue