إن عبور نهر، أو التحرك بمواجهة منطقة جبلية، أو الإبحار صوب أعلى النهر ، أو احتلال أرض غير صالحة للعمليات، أو المرابطة في منطقة مواجهة للغابات، هذه كلها خمس أحوال تمثل أعظم تهديد لعمل القوات، ومن شأنها أن تقود إلى الهزيمة، فمن الضروري تجنبها تماما.
إن الجبل الذي يرتفع شمالي موقع تمركز القوات يعد مكانا مفيدا للغاية [حرفيا: يعد «جبل الحياة»]، لكن من الخطر أن يقع الجبل جهة الغرب، والنهر الجاري صوب الشرق يعد ملائما للعمليات، على غير الحال إذا كان النهر يجري غربا، وبالمثل، فالمياه الراكدة ليست في صالح العمليات العسكرية.
وهناك أيضا، خمسة أحوال تشكل - مع أضدادها - النقاط الإيجابية (والسلبية) لنوعية الأرض [الجغرافيا]: (فلا بد أن يؤخذ في الاعتبار، عند مراجعة الأحوال الجغرافية أن ...) الجبال أفضل كثيرا من التلال، والتلال ذات الأشجار والنباتات أفضل من الهضاب القاحلة، ثم إن الهضاب القاحلة أحسن كثيرا من الكثبان والمرتفعات، وهذه تفوق في أهميتها السهول المنبسطة الخضراء. ويمكن المفاضلة بين الأراضي ذات الغطاء النباتي، حيث تعد المسطحات ذات الشجر الكثيف هي الأفضل، وتأتي أهميتها في الصدارة دائما، ثم تليها في الأهمية الأراضي ذات الكثافة الملحوظة من شجر السنط والنباتات الشوكية، وفي الدرجة التالية، تأتي الأراضي ذات الغطاء الغزير من النجيل؛ وأخيرا، تندرج في المرتبة الأدنى، الأرض ذات الحشائش العشبية القصيرة. ومن حيث درجة اللون الغالب على الأرض (المقترحة للعمليات)، فيفضل - بالدرجة الأولى - اللون الأخضر، الذي يفوق الأصفر إلى حد بعيد، ثم إن الأرض ذات اللون الأصفر تفضل الأرض السمراء، وهذه الأخيرة تعد أحسن من الأرض ذات اللون الأحمر، والأرض الحمراء أجود من البيضاء، بينما تفوق الأرض البيضاء أية تربة ذات لون أخضر.
كما أن هناك خمسة تضاريس أرضية يتعذر فيها القتال، وهي: الوهاد الجبلية، والمجاري المائية، والمستنقعات، والأراضي الملحية، والممرات الوعرة [... في نسخة أخرى محققة يوجد فراغ بدل الكلمة الأخيرة «الممرات الوعرة»].
ومن التضاريس الأرضية خمسة أنواع كفيلة بأن تهلك جيشا بأسره، وهي: منخفض أرضي ينضح قاعه بالماء، محوطا من الجوانب كلها بحواف جبلية عالية شديدة الانحدار، وسلاسل تلال متعرجة تكتنفها الهضاب العالية من جهاتها الأربع ، وهي تبدو سهلة الاقتحام، وتغري القوات بالدخول، لكن الداخل إليها لا يخرج بالسهولة نفسها. وثالثا، فهناك الأرض ذات الأكمات والأدغال، غزيرة الشجر كثيفة الأغصان، غير أنها (بهذا الشكل) تبدو كمصيدة للقوات (أكثر منها موقعا حصينا)، وهناك الأخاديد والمصارف المتداخلة التي تمثل عائقا أو انقطاعا أرضيا يستحيل عبوره، وأخيرا فهناك المنخفضات ذات الطرق الموحلة والبرك الآسنة، فهذه الأنواع الخمسة من التضاريس الأرضية تسمى ب «المقابر الخمس»؛ نظرا لما تمثله من خصائص جغرافية غير ذات نفع لقوات تسعى للمرابطة ونشر التشكيلات، مما يجعل من المستحيل أن [فراغ].
ولا ينبغي للجيش، في مواسم الصيف والربيع، أن يرابط في غور الأرض وما انخفض من منسوبها؛ نظرا لما تمتلئ به الأغوار، حينئذ، من الأمطار الموسمية، كما لا يجب للقوات أن تتخذ مواقعها، إبان الشتاء والخريف، فوق رءوس الهضاب؛ لما قد تعانيه من نقص المياه واشتداد الجفاف، وعند نشر القوات وإقامة المواقع فمن الواجب ألا تتخذ من الجبال والمرتفعات ساترا جهتي اليمين والأمام، مثلما يستحسن أيضا ألا تكون المرتفعات والتلال بمحاذاة أجنابها اليسرى والأمامية، بل يجب أن تقع جهة الخلف واليمين.»
الفصل التاسع
القوة الضاربة1
قال سونبين: كل المخلوقات من ذوات الأسنان [المناقير] القاطعة، والقرون المشرعة الصلبة فوق الرءوس والمخالب الحادة [كالطيور وأشباهها] يلتئم أفراد فصائلها معا عندما تطمئن بها الأحوال، أما إذا وقع بينها العراك، انتفضت غضبا وأنشبت في أجساد رفاقها مخالب الحرب وآذنت أبناء جلدتها بأشرس قتال (فتلك طبيعتها المركوزة في خصالها) ولا مبدل لمثل تلك الطبائع.
ثم إن بني البشر الذين لم تكن لهم مخالب حرب وأذناب قتال طبيعية (كتلك التي نجدها لدى فصائل الحيوان) صنعوا لأنفسهم أدوات يخوضون بها القتال، فكان ذلك من طبع الحكمة (كان علامة العبقرية الإنسانية)، وكان الإمبراطور «هواندي» [الإمبراطور الأصفر]، هو الذي صنع السيوف، مما يمكن اعتباره إشارة رمزية إلى فكرة التشكيل القتالي (البدائي)، ثم كان الزعيم القبلي الملقب ب «إي» [تنطق كما في «إيفان»] [أحد قادة القبائل في عهد أسرة «شيا» الملكية 2100-1600ق.م.] هو الذي اخترع القوس والسهم فيما يمكن أن يمثل صورة رمزية للقوة القتالية الضاربة، (وأخيرا) فقد كان الملك «يو» [عاش زمن أسرة «شيا» المذكورة آنفا] بما ابتكره من العربات والسفن الحربية، قد أضاف دلالة ترمز بوضوح إلى قوات الاحتياطي.
Page inconnue