La dimension sociale et politique dans la philosophie d'Ibn Sina

Muhammad Yusuf Musa d. 1383 AH
58

La dimension sociale et politique dans la philosophie d'Ibn Sina

الناحية الاجتماعية والسياسية في فلسفة ابن سينا

Genres

على النبي فرض هذه العبادات ونحوها التي تعود فائدتها على العابدين، وذلك بإبقائه فيهم السنة والشريعة التي هي أسباب وجودهم. نقول بأن على النبي هذا لأنه الإنسان المليء القادر على تدبير أحوال الناس على ما ينتظم أسباب معايشهم ومصالح معادهم، ولا عجب! فهو إنسان يتميز عن سائر الناس بتألهه.

وهؤلاء الناس الذين يجيء بهم النبي، ويسن لهم من السنن والشرائع ما أشرنا إلى بعض منها، يعيشون طبعا في مدينته التي لا بد لها من نظم تقوم عليها، وبيان هذا كله هو موضوع الفصل الثالث. وفي هذا الفصل نجد الشيخ الرئيس يرتفع في الناحية الاجتماعية إلى الذروة؛ إذ نجد له آراء لم تكد تعرف إلا في هذا العصر الحديث، وبخاصة ما يتصل بالعمل والبطالة والصناعة وحقوق المرأة.

إنه يبدأ الفصل بقوله بأنه يجب أن يجعل السان أو المشرع ترتيب المدينة على دعائم ثلاث: المدبرون، والصناع، والحفظة ، وهنا نلمح رأي أفلاطون في هذه الناحية.

2

ثم يذكر بأن كل طبقة من هذه الطبقات يكون عليها رئيس تحته رؤساء، وهكذا حتى نصل إلى أفناء الناس، وحينئذ يكون لكل فرد عمل ومقام محدود، وإذن فالبطالة والتعطل محرمان تماما.

فإن وجد فعلا قوم متعطلون من العمل يجب أن ننظر في أمرهم، فإن كانوا قادرين على العمل، وكان الامتناع منه يرجع للكسل، وجب ردعهم أو نفيهم من الأرض إن لم ينفع فيهم الردع والتأديب. وإن كان السبب في البطالة مرضا أو زمانة أو نحو هذا وذاك، وجب أن يجمعوا في مكان خاص - ملجأ بلغة هذا العصر - يكون عليهم فيه قيم ينظر في أمورهم، ولا بد من مال ينفق عليهم منه وتصلح به أمورهم، وهذا المال يجب في رأي «ابن سينا» أن يجمع من ضرائب على الأرباح الطبيعية أو المكتسبة، ومن عقوبات على المخالفين لبعض ما تجيء به السنة، ومن الغنائم التي تنالها الأمة من الأعداء غير المسلمين. ومعنى هذا أن فيلسوفنا كان رجلا عمليا يفكر في المشكلة وفي حلها أيضا.

على أنه لم ينس أن يفكر لنا بأن من الناس - يريد به أفلاطون ومن أخذ أخده - رأى قتل الميئوس من صلاحه، لكنه يرى أن ذلك قبيح، فإن قوتهم لا يجحف بالمدينة. على أنه مع هذا يرى - بحق - إلزام القادر من قرابات هؤلاء الذين لا يرجى صلاحهم ببعض نفقتهم في غير إجحاف ولا إلحاح.

3

ثم رأى بعد ذلك أن هناك جنايات قد تقع، وأن منها ما يكون خطأ يجب ألا يمر دون عقاب من غرامة يدفعها الجاني، لكن هذه الغرامة قد تئود الجاني الذي قد يكون وليه أو قريب له قد قصر في زجره ومنعه منها؛ ولهذا أوجب أن يسهم في هذه الغرامات الأولياء وذوو القربى الذين عليهم بعض التبعة في وقوع هذه الجنايات، تحقيقا للتضامن والمسئولية.

4

Page inconnue