La philosophie continentale : une très courte introduction
الفلسفة القارية: مقدمة قصيرة جدا
Genres
إذا أردنا أن نكون قادرين على الوصول إلى لب الصراع الذي ما زال خفيا بين التقليدين الفلسفيين المعروضين في هذا الكتاب، فأعتقد أننا بحاجة إلى الانخراط في القليل من التدقيق الفكري. هذا يعني أننا بحاجة للعودة إلى التمييز الكلاسيكي - الذي صيغ لأول مرة على يد ماكس فيبر - بين التفسير والتوضيح، بين الفرضيات السببية أو التي تبدو سببية ومطالب التوضيح أو التفسير أو أيا ما يكون. باختصار، يزعم فيبر أن الظواهر الطبيعية تتطلب تفسيرا سببيا، في حين أن الظواهر الاجتماعية تتطلب توضيحا عن طريق تقديم أسباب أو تقديم دوافع محتملة للسبب في كون شيء ما على ما هو عليه. إحدى وظائف الفلسفة هي تذكيرنا أننا بحاجة ماسة للوقوف على هذا التمييز، وأنه إذا لم نفعل ذلك فسوف ينتهي بنا المطاف بالمواجهة المبتذلة التي رأيناها بين هايدجر وكارناب، والمخاطرة بالوقوع إما في العلموية وإما في الظلامية وإما في منطقة الشفق المغرية لمعضلة الملفات الغامضة. وكان رأيي في هذا الفصل أن أفضل طريقة لضمان الوقوف على هذا التمييز هي من خلال نسخة مقنعة - على الرغم من أنها غير مثيرة - من الفنومينولوجيا، ولكن توجد بلا شك سبل أخرى لتحقيق هذه الغاية. وقد صيغت وجهة نظري على نحو رائع من قبل هيلاري بوتنام، وهو فيلسوف ينتمي للتقليد التحليلي، وكان صريحا على نحو متزايد في انتقاده للعلموية في الفلسفة، وذلك على النحو التالي:
أعتقد أن أرسطو كان محقا للغاية في الإيمان بأن الأخلاق معنية بالطريقة التي نعيش بها وبالسعادة البشرية، وأيضا كان محقا بشدة في الإيمان بأن هذا النوع من المعرفة («المعرفة العملية») يختلف عن المعرفة النظرية. يبدو لي أن وجهة النظر الخاصة بالمعرفة التي تقر بأن مجال المعرفة أوسع من مجال «العلم» تمثل ضرورة ثقافية إذا أردنا التوصل إلى رؤية عاقلة وإنسانية حيال أنفسنا والعلم.
نحن نعيش مع فجوة بين المعرفة والحكمة، وداخلها. حان الوقت الذي ينبغي فيه على الفلاسفة - والجميع - البدء في التفكير في تلك الفجوة، فربما يوجد على المحك ما هو أكثر من راحة البال الشخصية.
الفصل الثامن
تجرأ على التفكير بنفسك: استنفاد النظرية ووعد الفلسفة
من المقبول تصور مستقبل ينظر فيه «للتقسيم التحليلي القاري» الممل على أنه انقطاع مؤقت مؤسف للتواصل؛ مستقبل ينظر فيه لسيلرز وهابرماس، وديفيدسون وجادامير، وبوتنام ودريدا، ورولز وفوكو؛ كرفاق سفر في نفس الرحلة ...
ريتشارد رورتي
أعتقد أنه على الأقل يمكن القول إن الوضع الراهن للفلسفة يتسم على نحو مثير للاهتمام باستنفاد سلسلة كبيرة من النماذج النظرية. وكما ذكرت سابقا، حققت الفلسفة التحليلية لحسن الحظ بعض الوعي الذاتي التاريخي، وأصبحت مهتمة بتقليدها الخاص، وكذلك أدركت أنه توجد بالفعل قصة مقنعة ينبغي أن تروى حول الفلسفة في الدول الناطقة بالألمانية؛ بدءا من كانط وحتى فريجه. ولكن يتساءل المرء عما إذا كان هذا قد تأخر قليلا، وعما إذا كان الاهتمام بأصول الفلسفة التحليلية أو تاريخها أو علاقتها بالفكر الهيجلي، فضلا عن الرواج الحالي للفلسفة ما بعد التحليلية، يعد ببساطة محاولات متأخرة.
في السياق الألماني، تشعر مدرسة فرانكفورت بعد تقاعد هابرماس بشكوك حيال أجندتها الحالية واتجاهها المستقبلي، وغالبا ما يكون من الصعب معرفة ما يميزها الآن عن الحركات الرئيسية الأكبر في النظرية الاجتماعية والفلسفة الأخلاقية والسياسية الأنجلو أمريكية. وبالطبع كان هذا هدفا ضمنيا في جزء كبير من الفلسفة الألمانية فيما بعد الحرب: التطبيع بعد كارثة الاشتراكية القومية. فعلى نطاق أوسع، هدأت ألمانيا فلسفيا بطريقة ما، وتقريبا جيل ما بعد الحرب العظيم - هابرماس، وكارل-أوتو آبل، وإرنست توجندهات، ومايكل تيونيسن، وديتر هنريش، ونيكلاس لومان - إما توفوا وإما تقاعدوا، ولم يبلغ بعد خلفاؤهم أوجهم الفكري.
دعنا نواجه الحقيقة، لم تعد باريس كما كانت. وأدى انهيار الكانطية الجديدة في فرنسا في ثلاثينيات القرن العشرين وظهور ما يسميه الفرنسيون «الهاءات الثلاثة» (هيجل وهوسرل وهايدجر) إلى إنتاج جيلين يتميزان بالذكاء الفكري المذهل. في الجيل الأول، يتذكر المرء ليفيناس، وسارتر، ودي بوفوار، وميرلو-بونتي، وليفي-شتراوس، ولاكان، وباتاي، وبلانشو. وفي الجيل الثاني، يتذكر المرء ألتوسير، وفوكو، ودريدا، ودولوز، وليوتار، وكريستيفا. ولكن بينما دريدا لا يزال يمضي بقوة كبيرة، ويوجد الكثير من العمل الفلسفي المثير للاهتمام المستمر (على وجه الخصوص نهضة الفلسفة الأخلاقية والسياسية الفرنسية)، ويوجد تجديد رائع للفنومينولوجيا؛ يصل للمرء انطباع بأنه لا شيء من هذا سيثير الاهتمام على نحو كبير ويحقق نجاحا باهرا.
Page inconnue