La philosophie indienne : une très courte introduction
الفلسفة الهندية: مقدمة قصيرة جدا
Genres
تقول فلسفة نيايا إن الاستقصاء يجب إجراؤه فقط في حالة وجود بعض الشكوك حول الأمر المستقصى عنه، وهذا يعني أنه لا جدوى من إجراء استقصاء إذا كان الشيء معلوما بالفعل على وجه التأكيد؛ ولذا فالأمر اللازم الاستقصاء عنه لا بد أن يكون أمرا قد يفهم على عدة أوجه مختلفة. علاوة على ذلك، يجب أن يكون من المحتمل التوصل لنتيجة مؤكدة لهذا الاستقصاء، فالهدف من الاستقصاء هو الحصول على معرفة مؤكدة، وهي تمثل «خاتمة» الاستقصاء، وإذا كان من المستحيل التوصل إليها فسيكون إجراء الاستقصاء في حد ذاته عبثيا. إن احتمال التوصل إلى يقين غير معروف حتى لحظة إجراء الاستقصاء يوضح الحالة السابقة المطلوبة المتمثلة في عدم اليقين أو الشك، ويعد أيضا هذا الاحتمال أحد الأمور الأساسية التي تجعل إجراء الاستقصاء مشروعا.
ورغم ذلك، فالشك واحتمالية التوصل لليقين، في حد ذاتهما، ليسا كافيين لإضفاء الشرعية على إجراء الاستقصاء، وإذا كانا كافيين، فربما تحفز المرء بدافع الفضول، وهذا «العبث» مناقض «للسلوك العقلاني» للإنسان، كما يقول جوتاما. وبدلا من ذلك، يجب أن يوجد أيضا «هدف» وجيه لإجراء الاستقصاء. وعلى الرغم من اختلاف التفسيرات على مدار المراحل المتعددة للتقليد، فإن نتيجة هذا التصريح الموجود في نيايا سوترا الذي يقول إن الاستقصاء لا بد أن يسهم في اكتساب «الصالح الأعلى»؛ تتمثل في أن الهدف لا بد أن يسهم في الوصول إلى التحرر من الميلاد المتكرر.
ومن المتطلبات الأخرى لإجراء الاستقصاء ضرورة وجود بيانات ناتجة عن الملاحظة والرصد يمكن استخدامها لدعم الافتراض المقدم في بداية الاستقصاء، وأيضا لدعم المعايير الداعمة للحجة التي تثبت اليقين. وفي هذا الصدد يربط نظام نيايا نفسه على نحو بالغ التحديد باستخدام كل ما يلزم كي يكون واقع العالم التعددي الموجود حولنا؛ فالأمر بالنسبة للمؤمنين بنظام نيايا هو أنهم عند استخدام البيانات الناتجة عن الملاحظة والرصد مثل: «حيثما يكون الدخان، توجد النار»، فإنهم يزعمون ترسيخ دليل لا جدال فيه، وبذلك يؤكدون على صحة وقطعية نتيجة الجدل القائم. وهذه السمة في النظام تشير أيضا إلى أنه من المهم للمؤمنين بنيايا الربط بين البيانات الناتجة عن الملاحظة ، أو بين العالم التجريبي، وبين نظام الجدل المنطقي الخاص بهم، فلا مجال للمجردات الفلسفية القائمة فقط على المنطق الرياضي، على سبيل المثال، كما هو الحال في الفلسفة الغربية المعاصرة. وبدلا من ذلك، فطريقتهم المنطقية مرتبطة على نحو راسخ بالعالم من حولهم، وبالبشر الموجودين فيه، على نحو وجودي أو تجريبي إلى حد كبير.
الطريقة نفسها
يقودنا هذا إلى الطريقة نفسها التي تطرح في صورة حجة ذات خمس مراحل أو «أطراف» تقود الاستقصاء إلى استنتاج مؤكد. والمراحل الخمس هي كالتالي؛ أولا: ذكر الأطروحة اللازم إثباتها، ثانيا: ذكر سبب الأطروحة، ثالثا: إعطاء مثال يمثل «قاعدة» يمكن الاستناد إليها للمساعدة في إثبات الأطروحة، رابعا: ذكر علاقة «القاعدة» بالأطروحة، خامسا: إعادة ذكر الأطروحة على النحو الذي أثبتت به. والمثال الذي قدمه جوتاما في «نيايا سوترا» هو: (1) توجد نار على التل؛ (2) لأنه يوجد دخان هناك. (3) حيثما يوجد الدخان توجد النار (مثل ما يمكن للمرء رؤيته في المطبخ). (4) يوجد دخان، مرتبط بالنار، على التل؛ (5) لذلك توجد نار على التل.
من هذه الطريقة خماسية الأطراف يمكن أن نرى الأهمية الحتمية التي تعزوها نيايا للاستنباط؛ حيث يمكن استنباط وجود «س» (النار على التل)، وهذا الاستنباط قائم على الدليل الملاحظ «ص» (الدخان) والقاعدة «ع» (حيثما يوجد الدخان توجد النار). ويمثل التفكير الاستنباطي واستخدام البيانات التي تم الوصول إليها من خلال وسائل الإدراك السبيل الرئيسي للتوصل إلى معرفة مؤكدة بالنسبة لنيايا. وفي وقت لاحق في التقليد الهندي ككل، لا سيما على يد علماء المنطق البوذيين ومفكري نيايا المتأخرين، زاد الاهتمام بتأكيد مصداقية الأمثلة أو «القواعد» التي يقوم على أساسها الاستنباط، كما إذا كان الدخان في واقع الأمر إشارة صادقة على وجود نار. كان هذا التطور مهما؛ لأن القاعدة كان لزاما أن تصبح ثابتة بحيث تمثل دعما يعتمد عليه بشكل مطلق في إثبات المسألة المطروحة. وعلى الرغم من الثغرة الموجودة في نظامه، كان مؤلف كتاب «نيايا سوترا» القديم - جوتاما - بالإضافة إلى تقديمه لأول طريقة فلسفية رسمية أول من جعل للاستنباط هذه المكانة المحورية في الجدل المنطقي بهذه الطريقة.
يمكننا الآن الالتفات إلى الأشياء المشروع الاستقصاء عنها التي دونها جوتاما في قائمته. وتعد القائمة إضافة إلى فئات المادة التي تذكرها فلسفة فايشيشيكا، ومذكورة في «نيايا سوترا»، المجلد 1، على النحو التالي: النفس (الذات)، والجسم، وأعضاء الحواس، والأشياء المحسوسة، والإدراك، والعقل، والفعل، والميلاد والموت المتكرران، والعواقب، والمعاناة، والتحرر. ويعلق فاتسيايانا - أحد الأشخاص المهمين الذين خلفوا جوتاما - في رغبة واضحة لتحقيق الترابط في القائمة، فيقول التالي:
في هذا الصدد، تعد الذات هي رائي كل الأشياء، المستمتع بكل الأشياء، وهي محيطة، شاهدة على كل الأشياء، والجسم هو محل المتعة والألم للذات، وأعضاء الحواس هي الوسائل التي من خلالها يتم التعرف على المتعة والألم، والحاسة الداخلية «العقل» هي تلك التي تعرف كل شيء، والفعل هو سبب كل المتع والآلام، والأمر نفسه ينطبق على العيوب المتمثلة في الرغبة والحسد والتعلق. كان للذات أجساد سابقة على هذا الجسد، وسيكون لها أجساد أخرى بعد هذا الجسد، إلى أن يتحقق التحرر، وهذه هي دائرة الميلاد والموت التي ليست لها بداية. «العاقبة» هي الشعور بالمتعة والألم، مع وسائل الشعور بهما، والألم يرتبط ارتباطا وثيقا بالمتعة. ومن أجل تحقيق التحرر، يجب أن يفهم المرء أن كل أشكال السعادة تماثل الألم؛ وهذا يؤدي إلى انتهاء التعلق، ويؤدي في نهاية الأمر إلى التحرر. «نيايا سوترا بهاشيا»: تعليق على «نيايا سوترا»، المجلد 1
في سياق المعايير التي قدمها جوتاما لإجراء أي استقصاء، تخبرنا هذه القائمة عن تلك الأمور التي اعتقد أن الرغبة في التوصل إلى معرفة مؤكدة عنها تعد أمرا مبررا، وأنه يوجد قبل إجراء الاستقصاء عنها عنصر شك فيما يتعلق بوجودها أو طبيعتها. إن معرفة هذه الأمور سوف تسهم فيما بعد في الوصول إلى «الصالح الأعلى» الذي يعد الهدف الأساسي من البحث.
إثبات وجود الذات
Page inconnue