إعادة وضع تلك الشروط في مكانها، وإدراك راهنية المنفعة المعيارية لهذا النموذج الليبرالي.
وتؤكد على الحاجة إلى تجديد هذه النظرية وتجاوزها؛ لأن «الشروط الجديدة لديمقراطية الجماهير ولدولة الرعاية في نهاية القرن العشرين، أسقطت الفضاء العمومي البرجوازي ونموذجه الليبرالي في عداد النسيان. وأن شكلا جديدا للفضاء العمومي ضروري لحماية وصيانة الوظيفة النقدية لهذا الفضاء ولمؤسسة الديمقراطية».
3
وتلوم هابرماس في أنه لم يبلور تصورا بديلا عن النموذج الليبرالي الذي نظر له، وهو ما يتنافى مع روح النظرية النقدية المعاصرة حيث تقول: «غريب أن هابرماس لم يذهب إلى وضع نموذج جديد للفضاء العمومي ما بعد البرجوازي ... وأكثر من ذلك لم يستشكل أبدا بعض الفرضيات المتداولة حول النموذج الليبرالي، وعليه فالفضاء العمومي انتهى دون اقتراح معنى وفهم لفضاء عمومي مغاير للنموذج الليبرالي خدمة لأهداف وغايات النظرية النقدية المعاصرة.»
4
وما يعنيه ذلك من أن هابرماس لم يستشكل ولم يقترح بديلا للنموذج البرجوازي، بل إن جهده لا ينسجم وتوجهات المدرسة النقدية ولا يخدمها؛ مما يجعله خارجها. (1-2) الحاجة إلى فضاء عمومي عابر للأوطان
تقر فريزر بالحاجة إلى تجاوز نظرية هابرماس؛ بالنظر إلى كونها مبنية على أسس وطنية ضيقة (الإطار الويستفالي) تجاوزها التاريخ، ولتعارض هذه النظرية مع معطيات الواقع الاجتماعي الجديد الذي كشفت عنه نظريات جديدة في التاريخ، والعرق، والنوع، والثقافة ... وهكذا تعلن أن هدفها هو الدفاع عن فضاء عمومي بديل للنموذج الليبرالي و«سأبدأ بمقارنة التأويل الهابرماسي للتحولات البنيوية للفضاء العمومي مع تأويل آخر (فهم آخر) يستند إلى الإسطوغرافية الحالية ... وفي خلاصة موجزة سأضع بعض سبل التفكير داخل النقاشات النقدية، التي ستفتح المجال أمام فهم آخر وما بعد برجوازي للفضاء العمومي (أي التفكير في فضاء عمومي ما بعد برجوازي).»
5
وفي المقطع المعنون ب «أي تاريخ؟ أي تصور؟» تصرح فريزر بالقول: «لنأخذ أولا تأويل هابرماس للتحولات البنيوية للفضاء العمومي كتجمع لأشخاص خصوصيين يجتمعون للصراع حول المصلحة العمومية أو المصلحة المشتركة. تمتلك هذه الفكرة قوتها وواقعيتها في بداية أوروبا الحديثة مع تأسيس «الفضاء العمومي البرجوازي» الذي شكل القوة النقيض والمعادية للدولة المطلقة.»
6
Page inconnue