La philosophie, ses types et ses problèmes

Fouad Zakaria d. 1431 AH
139

La philosophie, ses types et ses problèmes

الفلسفة أنواعها ومشكلاتها

Genres

Energism »). وفضلا عن ذلك فهو يعني أن كل هذه القدرات ينبغي أن تنمى بحيث تصبح كلا واحدا متكاملا: فالهدف هو الكلية مثلما أنه هو الاكتمال. والواقع أن تأكيد هذين الهدفين المتساويين هو الذي يميز مذهب تحقيق الذات من المذهب الشكلي من جهة ومذهب اللذة من جهة أخرى. فالمذهب الشكلي يؤكد طبيعة الإنسان العاقلة، ولكنه يضحي بمشاعره وأحاسيسه وحياته العاطفية بوجه عام. ومذهب اللذة يتطرف في الاتجاه المضاد، فينظر إلى الإنسان على أنه كائن ذو شعور وإحساس فحسب. وهكذا فإن هدفي المدرستين المنافستين لمذهب التحقيق الذاتي يبدوان ناقصين بالقياس إلى هدفها. فهي وحدها (في رأي صاحب مذهب تحقيق الذات) التي تسعى إلى إدراج جميع طاقات الإنسان وقدراته داخل كل متكامل. ولا بد أن يكون الخير الأسمى الصحيح الوحيد هو التطور المنسجم لجميع جوانب الطبيعة البشرية.

وحسبنا هذا الإيضاح البسيط لمذهب تحقيق الذات. ومع ذلك قلما كانت نتائج هذا الموقف هي التي جعلته قوة فعالة إلى حد بعيد في التفكير الأخلاقي المعاصر، فلزام علينا أن نقدم تحليلا أكمل لهذه النتائج.

تحقيق الذات و«القيم العليا» : يتحدث أنصار تحقيق الذات كثيرا عن «القيم فوق العضوية»، ويبدون اهتمامهم الأول ببلوغ هذه القيم. والمقصود من لفظ «القيم فوق العضوية» هو بوجه عام كل الخيرات أو القيم المغايرة لتلك التي تشبع الحاجات المادية أو البيولوجية البحتة للكائن العضوي. فبينما الإنسان يشارك الحيوانات جميع قيمه العضوية تقريبا، فإنه هو المخلوق الوحيد القادر على تحقيق تلك القيم فوق العضوية؛ أي تلك التي تعلو على الكائن العضوي بوصفه موجودا ماديا؛ ذلك لأن للإنسان حاجات وقدرات تتجاوز بكثير نطاق أعلى الحيوانات ذاتها. وهذه القدرات هي التي تهتم بها هذه المدرسة الأخلاقية بوجه خاص. فأنصار تحقيق الذات يشيرون إلى أن الإشباع العضوي لا يمكن أن يشكل إلا جزءا من «الحياة الخيرة»؛ لأن هذا الإشباع ليس إلا وسيلة فحسب، فهو الأساس المادي للحياة البشرية المتحققة على الوجه الأكمل. صحيح أن من الضروري إطعام الجسم وإيواءه وإرضاءه جنسيا، غير أن هذه ليست إلا المقدمات الضرورية للغاية الرئيسية للإنسان. والواقع أن تحقيق القيم العليا هو تحقيق الذات بمعناه الصحيح، وهذه القيم هي التي يضعها أفراد هذه المدرسة في أذهانهم عندما يقدمون الحجج تأييدا لموقفهم.

وهناك مدارس فرعية متعددة منتمية إلى حركة تحقيق الذات، تمضي في تأكيد هذه القيم العليا إلى حد أنها تقول ضمنا بمذهب ثنائي من نوع ما. فهي تهتم بالإرضاء فوق العضوي إلى حد أنها قد تميل إلى الإقلال من أهمية سعادة الإنسان المادية إلى أدنى حد ممكن. ويستخدم اسم «مذهب الكمال المثالي

Idealistic Perfectionism » عادة للتعبير عن موقف هذا الجناح الروحي. وفي الطرف الآخر نجد أنصار تحقيق الذات الذين ينظرون إلى قدرات الإنسان بمعنى مادي إلى حد بعيد. فهنا يصب الاهتمام على التكيف مع البيئة، أو التكيف البيولوجي. ويعبر لفظ «مذهب الكمال الطبيعي

Naturalistic Perfectionism » عن الطابع العام لهذا الجناح اليساري داخل نطاق مدرسة تحقيق الذات.

موقف جامع : تتألف أغلبية مدرسة تحقيق الذات من جامعة معتدلة تقف بين هذين الجناحين. وتقوم وجهة النظر المتوسطة هذه بجهد حقيقي لسد الثغرة التي تفصل بين الموقفين المتطرفين. فهي تحرص على ألا تؤكد أيا من القيم فوق العضوية على حساب الأخرى، وبدلا من ذلك تجعل هدفها هو التحقيق الكامل لكل القدرات البشرية، دون أن تركز اهتمامها الخاص على قدرة واحدة أو نوع واحد من القدرات. فهدفها الرئيسي هو الشمول، وهي لا تضع سلما من القيم يجعل المادي خاضعا للروح أو العكس. وقد يبدو ذلك لأول وهلة موقفا وسطا ناجحا، ومن يجد استجابة قوية لدى أشخاص كثيرين، يرون فيه أفضل هدف أخلاقي. ولكن من سوء الحظ أن هذا الحل، شأنه شأن كل حل وسط آخر، سرعان ما يظهر إخفاقه حالما نضعه موضع التطبيق؛ ذلك لأن الحياة ليست إلا سلسلة متصلة من أفعال الاختيار التي يتعين القيام بها. فلا بد لنا من أن نختار أي القدرات سنحققها، وأيها سنقرر على كره منا أنها ينبغي أن تظل في حيز الإمكان فحسب. ولعله لا يوجد شخص واحد يستطيع خلال حياته الخاصة وحدها أن ينمي كل القدرات الكامنة فيه. ولما كان الاختيار ينطوي دائما على معيار معين نختار على أساسه ، فسرعان ما نجد أننا قد عدنا من حيث بدأنا دون أن تحل مشكلتنا الأصلية. فأي القيم سنحقق، وأي القدرات سننمي، وأي معيار للكمال سنقبل ؟

اعتراضات أخرى على مذهب تحقيق الذات : كانت توجه من آن لآخر اعتراضات أخرى على مذهب تحقيق الذات بوصفه مثلا أخلاقيا أعلى. وعلى الرغم من أن أحدا من هذه الاعتراضات لا يبدو مؤديا إلى القضاء على المذهب، فلا بد أن الإشارة إليها باختصار على الأقل. ولعل أكثر الانتقادات ترددا هو ذلك الذي يقول إن هدف تحقيق الذات هو في أساسه هدف أناني؛ ذلك لأن تركيز الاهتمام على الذات بهذه الطريقة يؤدي - على ما يقال - إلى التعرض لخطر تقوية أسوأ مشاعر الأنانية والتركيز حول الذات. ونحن لا ننمي ذاتنا إلى الحد الأقصى إلا عندما نمحو أنفسنا في سبيل قضية ما، أو في خدمة من نحب. وكثيرا ما تقتبس في هذا الوضع كلمة من أعمق كلمات المسيح، بوصفها حجة ضد دعوة تحقيق الذات «من كسب حياته خسرها، ولكن من خسر حياته كسبها.»

وهناك اعتراض ثان على هذا المذهب، هو القول إن الناس قد «يحققون» أنفسهم بطرق مضادة للمجتمع. مثلما يحققونها بطرق يقرها المجتمع. فكلنا لدينا إمكانيات للشر تكون جزءا حقيقيا من «قدراتنا الكامنة» تماما كغيرها من القدرات المرغوب فيها بحق. ولكن الدعوة إلى تنمية كل القدرات الكامنة فينا لا توضح أي هذه القدرات ينبغي أن تكون له الأولوية، أو أيها ينبغي أن ننحاز إليه إذا اتضح أن كلا منها يتعارض مع الآخرين. وهنا أيضا نجد لمشكلة الاختيار أهمية قصوى، ولا يمكن أن يكون لمذهب التحقيق الكامل للذات قيمة بوصفه موجها لنا في القيام بمثل هذا الاختيار.

رد أنصار تحقيق الذات : لا يجد أنصار تحقيق الذات صعوبة في الرد على هذه الاعتراضات. فهم يردون على تهمة الأنانية بقولهم إن الإنسان كائن اجتماعي لا يستطيع تحقيق أكبر قدر من إمكاناته إلا في علاقاته الاجتماعية. ولما كان من المستحيل حدوث نمو حقيقي للشخصية في فراغ اجتماعي، فإن تحقيق القيم الاجتماعية ينطوي بالضرورة أيضا على تنمية الشخصيات أو الذوات الأخرى كذلك. أما إذا كان المرء أنانيا فإنه يعوق بذلك نمو الذات الكلية. وعلى ذلك، فرغم أن سوء فهم المذهب - أو التصور الزائف للذات، على الأرجح - يمكن أن يؤدي إلى الأنانية، فإن هذا لو حدث لكان تشويها لوجهة نظر مذهب تحقيق الذات، لا نتيجة منطقية له. صحيح أن الاندماج الكامل في قضية أو في عمل يمليه الحب قد يكون أفضل طريقة لتحقيق أكبر قدر من النمو للذات، ولكن هذا إنما يثبت أن الذات نتاج اجتماعي قبل كل شيء.

Page inconnue