لفظ الإسلام ومعناه: إذا تتبعنا مادة «س ل م» ونشوء كلمة الإسلام رأينا أن معنى السلام المسالمة، وضد المسالمة الحرب والخصام، جاء في القرآن:
وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ، ولعل هذه الآية هي المفتاح الذي نصل به إلى معرفة السبب في تسمية العهد الذي قبل محمد
صلى الله عليه وسلم
جاهلية، وعهده إسلاما؛ والجاهلية ليست من الجهل الذي هو ضد العلم، ولكن من الجهل الذي هو السفه والغضب والأنفة؛ جاء في حديث الإفك: «ولكن اجتهلته الحمية»، أي حملته الأنفة والغضب على الجهل؛ وفي الحديث أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم
قال لأبي ذر وقد عير رجلا بأمه: «إنك امرؤ فيك جاهلية»؛ أي: فيك روح الجاهلية؛ وقريب من هذا المعنى استعمالهم استجهله الشيء؛ أي: استخفه، ومنه قوله: «وقاك الهوى واستجهلتك المنازل»
وفي معلقة عمرو بن كلثوم:
ألا لا يجهلن أحد علينا
فنجهل فوق جهل الجاهلينا
فترى من هذا كله أن كلمة الجاهلية تدل على الخفة والأنفة والحمية والمفاخرة، وهي أمور أوضح ما كانت في حياة العرب قبل الإسلام، فسمي العصر الجاهلية؛ ويقابل هذه المعاني هدوء النفس والتواضع والاعتداد بالعمل الصالح لا بالنسب وهي كلها نزعة سلام، فمعنى الآية كما قال الطبري: «أن عباد الله هم الذين يمشون على الأرض بالحلم، لا يجهلون على من جهل عليهم».
Page inconnue