L'Aube de l'Islam

Ahmad Amin d. 1373 AH
131

L'Aube de l'Islam

فجر الإسلام

Genres

وأما سلمان الفارسي - إن صح ما يروي محمد بن إسحاق - فإنه تنقل في أديان مختلفة قبل أن يسلم، كان مجوسيا مخلصا للمجوسية (حتى كان قاطن النار التي يوقدها أهله) ثم كان نصرانيا مخلصا للنصرانية متصلا بأتقى رجالها، ثم كان عبدا مملوكا ليهودي من بني قريظة (ولكنه لم يتهود)، ثم أسلم فأخلص في إسلامه، كذلك يروى أنه قبل أن يسلم تنقل في بلاد كثيرة، فهو من أصبهان (على رواية)، ثم انتقل في طلب النصرانية إلى الشام، ثم إلى الموصل ثم إلى نصيبين، ثم إلى عمورية من أرض الروم، ثم إلى جزيرة العرب يطلب الإسلام فنزل بوادي القرى، وهناك غدر به قوم من كلب فباعوه، ثم انتهى إلى المدينة فأسلم

23 .

فترى من هذا أن قد كان له علم بديانات مختلفة، ولعل هذا هو ما عناه علي بن أبي طالب بقوله فيه: «من لكم بمثل لقمان الحكيم، علم العلم الأول، والعلم الآخر، وقرأ الكتاب الأول، وقرأ الكتاب الآخر، وكان بحرا لا ينزف».

وتدلنا سيرته على أن نزعته الدينية كانت نزعة زهد وورع، وقد مات بالمدائن في خلافة عثمان.

وقد اتخذه مسلمو الفرس مثلهم - كما اتخذ الحبشة بلالا، والروم صهيبا - وفخرت به الشعوبية، وربطه الشيعة بعلي والحسن والحسين، وعده الصوفية أحد مؤسسيها، وبالغ فيه الفرس كثيرا، ونسبوا إليه كثيرا. •••

وهذا القدر يكفينا في الدلالة على أنه كان بين الصحابة حركة علمية، وأن هذه الحركة أكثرها ديني، وأنه كان لها نواح مختلفة، وشخصيات مختلفة.

هؤلاء العلماء وأمثالهم من الصحابة تفرقوا في المملكة الإسلامية، في جميع أنحائها، وإن شئت فقل وزعوا على الأمصار قصدا إلى تعليمها؛ فعل ذلك رسول الله

صلى الله عليه وسلم

في مدن جزيرة العرب، فأرسل إلى اليمن وإلى البحرين وإلى مكة بعد فتحها، وكذلك فعل عمر بن الخطاب عندما اتسعت الفتوح وكثرت الأمصار. عن سالم بن عبد الله قال: «كنا مع ابن عمر يوم مات زيد بن ثابت، فقلت: مات عالم الناس اليوم، فقال ابن عمر: يرحمه الله اليوم، فقد كان عالم الناس وحبرها، فرقهم عمر في البلدان»

24 .

Page inconnue