L'Aube de la Conscience

Salim Hasan d. 1381 AH
196

L'Aube de la Conscience

فجر الضمير

Genres

تعبيرا حسنا عند تعليقه على الثورة الفرنسية بقوله: «ولكن شدة الولع بالإسراع في القيام بتطبيق سياسي لكل تلك الآراء الجميلة التي يمليها العقل كان سيئ العاقبة ... فالأفكار لا يمكن أن تقدر فوق قيمتها ولا تعشق لذاتها، كما أن الإنسان لا يستطيع أن يعيش في حدودها أكثر مما يجب، ولكن إذا نقلت الأفكار فجأة إلى عالم السياسة والحياة العملية بقصد قلب نظام العالم بما تحويه من الأوامر، فإن هذا شيء آخر من جميع الوجوه.»

ولكن «إخناتون» لم يكن لديه سابقة ما مثل الثورة الفرنسية للرجوع إليها والاعتبار منها، بل كان هو نفسه أول ثائر عالمي، وقد كان مقتنعا كل الاقتناع بأن في مقدوره أن يضع في قالب جديد عالم الديانة والفكر والفن والحياة بعزم ثابت لا يقهر، وأن يجعل آراءه في الحال ذات تأثير عملي فعال.

وعلى ذلك قامت مدينة سهل «تل العمارنة» الجميلة، فكانت جزيرة خيالية للنعيم في وسط بحر من التذمر، بل كانت حلما مملوءا بالآمال الخيالية في عقل غاب عنه تماما أن الماضي لا يمكن محوه. والعجب أن ظهور مثل ذلك الرجل لأول مرة لم يكن إلا في الشرق، وفي مصر بالذات، حيث لم يكن يوجد رجل آخر يستطيع نسيان الماضي غير «إخناتون». على أن عالم أمم البحر الأبيض المتوسط العظيم، الذي كانت مصر تسوده حينذاك، لم يكونوا أحسن استعدادا لقبول ديانة دولية أكثر من سادتهم المصريين. ويذكرنا خيال «إخناتون» الدولي بآمال «الإسكندر الأكبر» الذي جاء بعده بألف عام، ولكنه كان سابقا لعصر الإسكندر بعدة قرون.

على أن الحقيقة التي كانت تحيط به والمركز المهدد، اللذين كان «إخناتون» يدعو حزبه لتبصرهما كل يوم، قد صورا في وصف كتبه زوج ابنته «توت عنخ آمون» بعد موته بمدة، حيث قال:

وأغلقت معابد الآلهة من «إلفنتين» (يعني الشلال الأول) إلى مستنقعات الدلتا ...

وهجرت أماكنهم المقدسة ونبت فوق دمنها المرعى.

وصارت معابدهم كأن لم تغن بالأمس، وبيوتهم صارت طرقا معبدة والبلاد كانت في مأزق سيئ.

وأما الآلهة فقد هجرت هذه الأرض.

وإذا أرسل قوم إلى سوريا لمد حدود مصر لم يكن الفوز حليفهم قط.

وإذا دعا الناس إلها لإنقاذهم لم يجب دعوته، وكذلك إذا استعطف الناس إلهة لم تجب قط، فكانت قلوبهم في أجسامهم عليها أقفالها.

Page inconnue