Fajjala autrefois et aujourd'hui
الفجالة قديما وحديثا
Genres
دعاني «مجتمع الإصلاح القبطي» لإلقاء محاضرة في قاعة نادي اتحاد الشبان المسيحيين - الواقع خلف قسم بوليس الأزبكية - يوم 5 نوفمبر سنة 1918، فلبيت الدعوة، وجهزت على عجل مسامرة تاريخية وصفية في الفجالة القديمة والحديثة، وما كان يحيط بها من قرى وبساتين، وكان الحاضرون نخبة من الأدباء والمحامين وطلبة المدارس، فراقهم البحث، وسألني كثير منهم أن أطبعه، فبذلت جهدي في تنسيقه، وشرح بعض غوامضه، ونشرته في هذه الكراسة تقدمة للباحثين في تاريخ القاهرة وخططها وآثارها.
الفجالة قديما
(1) البحر من كل جهة
لو أننا عدنا إلى أربعة آلاف سنة مضت أو ما قبلها، وأردنا الجلوس في هذا المكان، لما وجدنا أرضا نفترشها، بل كان لا بد لنا من سفينة مصرية تقف وسط النيل، الذي كان في ذاك الحين، وإلى قرون طويلة يغمر النصف الغربي من مدينة القاهرة الحاضرة، على ما هو ظاهر في خريطة للبحاثة المستشرق إدوارد ويليم لين صدر بها كتابه «مصر منذ 50 عاما» الذي طبعه ستانلي لين بول.
ففي هاتيك الأيام، إذا وقف هنا شخص متجها إلى الشمال، رأى أمامه مدينة عين شمس، فإذا التفت إلى الجنوب الغربي رأى مدينة منفيس، وإلى المدينتين كان يأتي الطلبة من الشرق والغرب ليتلقوا علوم المصريين، فإذا عاد الواقف إلى اتجاهه الأول، رأى جبل المقطم على يمينه، وقرى القليوبية على يساره. (2) قرية أم دنين
ثم أخذ الماء ينحسر شيئا فشيئا، حتى صار شاطئ النيل حيث يمر الآن ترام المترو، أو شريط سكة الحديد، وكانت في مكان جامع أولاد عنان وميدان باب الحديد، قرية تعرف بأم دنين.
قال ياقوت في معجم البلدان: «أم دنين، بضم الدال وفتح النون وياء ساكنة ونون، موضع بمصر، ذكره في أخبار الفتوح. قيل: هي قرية كانت بين القاهرة والنيل، اختلطت بمنازل ربض مصر.»
وقال في مكان آخر: «وكان في أم دنين حصن ومدينة قبل بناء الفسطاط.» (3) فتوح مصر
وكانت أم دنين مركز أول موقعة جرت في مصر بين المسلمين والروم، وكان معظم الجيوش الرومانية حينذاك ممتنعة في حصن بابيلون، ولكن الحامية المرابطة في أم دنين عاقت عمرا عن التقدم بضعة أسابيع، حدثت فيها مناوشات عديدة، انتهت باستيلاء عمرو عليها.
ولما رأى عمرو أن ما معه من المقاتلة لا يكفي لفتح حصن بابيلون، أراد أن يشغل جيشه بعمل ريثما يأتيه المدد؛ فخرج في غارة إلى الفيوم، وعبر النيل في قوارب، وسار بطريق منف إلى الفيوم، فلم يفلح في الاستيلاء عليها، إلا أن هذه الخرجة انتهت بما قصد إليه؛ فإنه عندما عاد إلى عين شمس في صيف سنة 640م لحق به المدد الذي بعثه أمير المؤمنين، وفي مقدمته الزبير بن العوام، وعدتهم 12000 مقاتل.
Page inconnue