الإيمان باليوم الآخر وأثره على الفرد والمجتمع
الإيمان باليوم الآخر وأثره على الفرد والمجتمع
Genres
وإنما تمكن إبليس من التلبيس على الفلاسفة، من جهة أنهم انفردوا بآرائهم وعقولهم، وتكلموا بمقتضى ظنونهم من غير التفات إلى الأنبياء (^١). ومن هنا نهى العلماء عن قراءة كتبهم، قال الإمام أبو الوليد الباجي في النصيحة الولدية: "وإياكما وقراءة شيء من المنطق وكلام الفلاسفة، فإن ذلك مبني على الكفر والإلحاد، والبعد عن الشريعة والإبعاد" (^٢).
قال الإمام أبو حيان: "وإذا كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ﵁، نُهِى عن قراءة التوراة، مع كونها كتابًا إلهيًا، فلأن يُنهى عن قراءة كلام الفلاسفة أحق. وقد غلب في هذا الزمان وقبله بقليل الاشتغال بجهالات الفلاسفة على أكثر الناس، ويسمونها الحكمة، ويستجهلون من عُرِّي عنها، ويعتقدون أنهم الكملة من الناس، ويعكفون على دراستها ولا تكاد تلقى أحدًا منهم يحفظ قرآنًا ولا حديثًا عن رسول الله ﷺ " (^٣).
وحين قرأ بعض المسلمين كتب الفلاسفة، اعجبوا بها رغم ما فيها من نظريات تعارض الشرع القويم، حتى حاول البعض المواءمة بين العلوم الفلسفة، وبين ما جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام، حتى أدت بهم إلى اختراع تعاليم جديدة، تبتعد في حقائقها عن الحقائق الشرعية المأثورة.
ولذا كان انبهار بعض الناس، ببراعة الفلاسفة في القضايا الكونية والطبيعية طريقًا لتلبس أفكارهم في الإلهيات (^٤)، ومن هنا قال الإمام الشافعي:" ما جهل الناس واختلفوا إلا بتركهم مصطلح العرب، وأخذهم بمصطلح أرسطو طاليس " (^٥).
(^١) ابن الجوزي: تلبيس إبليس، دار الفكر - بيروت، ط ١ ١٤٢١ هـ، ص (٤٣).
(^٢) الباجي: النصيحة الولدية، دار الوطن - الرياض، ط ١ ١٤١٧ هـ، ص (١٨).
(^٣) أبو حيان: البحر المحيط، دار الفكر - بيروت، ١٤٢٠ هـ، ت: صدقي جميل، ص (٦/ ٤٦).
(^٤) محمد الذهبي: التفسير والمفسرون (٢/ ٣٠٨)، أحمد عبد اللطيف: شرح الرسالة التدمرية، ص (٦١)
(^٥) مانع الجهني: الموسوعة الميسرة، دار الندوة العالمية للطباعة، ط ٤ ١٤٢٠ هـ (٢/ ١١٠٩)
1 / 267