الإيمان بين السلف والمتكلمين

Ahmad ibn Atiyah Al-Ghamdi d. 1432 AH
58

الإيمان بين السلف والمتكلمين

الإيمان بين السلف والمتكلمين

Maison d'édition

مكتبة العلوم والحكم،المدينة المنورة

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

الفصل الخامس الاستثناء في الإيمان تقدم لنا معرفة ما قاله السلف في حقيقة الإيمان، وأنه قول وعمل يزيد وينقص لأن الناس يتفاوتون في استيفاء متطلبات الإيمان من العمل واتقانه. فالإنسان عرضة للتقصير في أي صورة من صوره سواء كان هذا التقصير قليلًا أم كثيرًا، لأن الكمال لله وحده، ولا أحد يستطيع أن يصل إلى هذه الدرجة مهما نشدها، وحاول الوصول إليها اللهم إلا من عصمه الله من الزلل، كالرسل عليهم الصلاة والسلام. وإذًا فالإنسان له طاقاته المحدودة، ومداركه القاصرة التي ينشد بها الكمال، ويتفانى في سبيل الوصول إلى هذه الدرجة، إن كان ممن أعطاهم الله قوة العزيمة وشدة المراس. وأنَّى له ذلك، لأن الإنسان له عدو ملازم له ملازمة الظل لصاحبه، لا يمكن أن يفارقه أبدًا وآلى على نفسه أن يظل دائب العمل من أجل إغواء البشرية كلها، إرضاءً لذلك الحقد الذي زرعه في قلبه على أبيهم آدم ﵇. لكنه اعترف بالعجز عن تحقيق هذا الهدف من عباد الله الذين منَّ الله عليهم بحصانة واقية من وساوس الشيطان اللعين. قال تعالى على لسان إبليس: ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٣٩) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ ١، وقال تعالى: ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ ٢.

١ الحجر: ٣٩-٤٠. ٢ ص: ٨٢-٨٣.

1 / 66