الإيمان بين السلف والمتكلمين

Ahmad ibn Atiyah Al-Ghamdi d. 1432 AH
121

الإيمان بين السلف والمتكلمين

الإيمان بين السلف والمتكلمين

Maison d'édition

مكتبة العلوم والحكم،المدينة المنورة

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

الخلاف - بينهم كان حول طريق الدلالة على ذلك فذهب البعض وهم الأكثر - إلى أن الشرع هو الذي يعرّفنا باشتمال المعاصي على صغير وكبير، ولو ترك للعقل لحكم بأن جميع المعاصي كبائر، لأن من المعلوم أن أقلّ القليل منها يستحق جزءًا من العقاب كما أن أقلّ القليل من الطاعات يستحق جزءًا من الثواب. ومن هؤلاء أبو علي والقاضي عبد الجبار وغيرهم، وقد استدلوا بما تقدم من أدلة شرعية. أما الآخرون فذهبوا إلى أن العقل بمفرده يستطيع أن يميز بين الصغيرة والكبيرة فسرقة درهم ليست كسرقة عشرة دراهم وإلى هذا الرأي كان يذهب أبو هاشم ومال إليه جعفر بن حرب كما هو واضح من رأيه المتقدم في تحديد الفرق بين الصغيرة والكبيرة. وقد تختلف آراء المعتزلة في تحديد معنى الصغيرة والكبيرة، وتتسع مسافة الخلاف بينهم، لكن ما تبنّوه من آراء هو موضع نظرنا، إذ أنها لا تحدد لنا تحديدًا واضحًا الفرق بين الأمرين، لا سيما ما ذهب إليه القاضي عبد الجبار - وإن كان هو الأكثر انسجامًا مع مذهب القوم - لأن الثواب والعقاب مما لا يعلم مقداره إلا الله ﷾، فاختلافه قلة وكثرة من شخص لآخر أمر خفي، لا يمكننا إدراكه، على أن الضابط الذي ذكره القاضي عبد الجبار على أنه تحقيق للمذهب، مناقض لما هو مشهور من مذهب المعتزلة الذي سيأتي بعد من أن ثواب الطاعات محبط لا وزن له مع ارتكاب الإنسان للكبيرة، لأن صاحبها مخلد في النار، فأين الثواب الذي يمكن أن يقاس مع العقاب ويحدد بموجبه كل من الصغيرة والكبيرة؟ غير أن الأهم من ذلك كله أن المعتزلة مهما اختلفوا في تحديد الضابط مقرون بانقسام المعاصي إلى صغائر وكبائر، فما حكم كل منهما عندهم؟ أما الصغائر فقد ذكر أبو الحسن الأشعري أنهم لم يتفقوا أيضًا على

1 / 135