منزلته العلمية:
نال ابن خير شهرة واسعة لما عرف عنه من سعة الرّواية والعناية المستديمة في طلب العلم، فضلا عن الدّقة والضبط والإتقان، فوصفه ابن عميرة الضّبّي بأنه «محدث من أهل الإتقان وجودة الضبط، مقرئ مجود» (١).
وقبل ذلك أثنى عليه من أساتذته أبو الحسن يونس بن محمد بن مغيث القرطبي المتوفى سنة (٥٣٢) هـ وهو لمّا يزل شابّا يقرأ عليه، قال ابن الأبّار: «سمعت شيخنا أبا الخطاب بن واجب، وهو أحد المكثرين عنه، يقول: سمعت أبا عبد الله بن حميد يقول: سمعت أبا الحسن بن مغيث يقول: أبو بكر ابن خير خير ابن خير، وذلك وقت قراءته عليه في حداثته، قال أبو الخطاب: فكيف لو رآه حين رأيناه» (٢).
وعني ابن خير عناية بالغة بضبط كتبه وأصوله ومقابلتها بالأصول الصحيحة حتى نوّه بذلك أكابر العلماء، قال ابن الأبار: «وكانت كتبه في غاية الصّحة والإتقان لكثرة ما عاناها وعالج تصحيحها بحسن خطه وجودة تقييده وضبطه، وفي ذلك قطع دهره وأنفق حياته، فلحق بالمتقدمين وأربى على المتأخرين، وأدّى ذلك إلى المغالاة فيها بعد وفاته حتى بلغت أثمانها الغاية، ولم يكن له نظير في هذا الشأن مع الحظّ الأوفر من علوم اللّسان» (٣).
وقال ابن عبد الملك المراكشي: «وكانت كتبه وأصوله في غاية الصّحة ونهاية الإتقان لتهمّمه بمقابلتها وعكوفه على تصحيحها مؤيّدا على ذلك بحسن الخطّ وإتقان التّقييد والضّبط اللذين برز فيهما على متقدّمي الأكابر من مشاهير أهلهما، دأب على ذلك دهره وأنفد فيه عمره. وكتب بخطه الكثير
_________
(١) بغية الملتمس، الترجمة ١١٢.
(٢) التكملة ٢/ ٥٠، والذيل لابن عبد الملك ٨/ ٣٠٢.
(٣) التكملة ٢/ ٥٠.
1 / 8