خلق الْخلق لغير وَحْشَة فِي انْفِرَاد أزليته وَلَا استعانة بهم على مَا يُرِيد من تَدْبيره
لَكِن أَرَادَ أَن ينشر رَحمته ويمن بفضله ويستخلص من يَشَاء من بريته فابتدأ آثَار الْقُدْرَة وَأحكم الصنع وأتقن التَّدْبِير وابتدأ بالطول وَبعد بالمن فَعم بِهِ عباده عدلا وأوسعهم فضلا فَلهُ الْحَمد وَالثنَاء شكرا
لم يخلق خلقه عَبَثا وَلَا تَركهم سدى وَلَكِن أَرَادَ أَن يتعرف إِلَى عباده بآياته الْبَيِّنَة ودلايله الْوَاضِحَة ليؤدوا وَاجِب حَقه ويجتنبوا مساخطه لغير حَاجَة إِلَى طاعتهم وَلَكِن ليستحق الثَّوَاب من أناب وَأجَاب وَيسْتَحق الْعقَاب من جحد وارتاب
فاستخص آدم وَذريته فَأخذ مِنْهُم الْمِيثَاق بِمَا فطرهم عَلَيْهِ من الْعُقُول الرضية والألباب والفهم ليدبروا بهَا شَوَاهِد التَّدْبِير وَأَحْكَام التَّقْدِير فألزمهم بذلك حجَّة من عُقُولهمْ بِمَا شاهدوا من إنشائه وإتقان صنعه فِي أنفسهم وَفِي جَمِيع خلقه ثمَّ أكد الْحجَّة عَلَيْهِم بإرسال الرُّسُل إِلَيْهِم فنبههم على النّظر بِمَا
1 / 264