Comprendre la Compréhension: Une Introduction à l'Herméneutique: La Théorie de l'Interprétation de Platon à Gadamer
فهم الفهم: مدخل إلى الهرمنيوطيقا: نظرية التأويل من أفلاطون إلى جادامر
Genres
هسرل: ما الفينومينولوجيا؟
(1) الفينومينولوجيا الخالصة (البحتة)
المحاضرة الافتتاحية في فرايبورج 1917م
سيداتي، سادتي، زملائي الأجلاء، أصدقائي الأعزاء (1)
إن الحقبة التي قدر لنا أن نعيش فيها، لتعج بالأحداث المذهلة في شتى مجالات الحياة الروحية للجنس البشري، فما من شيء أنشأته جهود الأجيال السابقة في كل حقل من حقول الثقافة، وتعهدته إلى أن صار نسقا كليا مؤتلفا، وما من أسلوب راسخ تأسس واستتب بوصفه منهجا أو معيارا، إلا اعتراه التغير في هذه الآونة وطفق يبحث عن أشكال جديدة يتسنى بها للعقل، الذي لم يهدأ له جنب، أن ينمو بحرية أكبر: في الحياة السياسية والاقتصادية، في التقنية، في الفنون الجميلة، وليس بأقلها على الإطلاق في العلوم، وحتى العلوم الطبيعية الرياضية التي كانت قديما نموذجا للكمال النظري، قد غيرت أسلوبها تغييرا كليا خلال بضعة عقود من إعادة البناء. (2)
ولا تشذ الفلسفة في شيء عن هذه الصورة، ففي مجال الفلسفة كانت الفلسفات التي استنفدت طاقاتها في الفترة التي أعقبت الإطاحة بالفلسفة الهيجلية هي فلسفات النهضة بالدرجة الأساس، لقد كانت هذه الفلسفات بمثابة إعادة إنتاج لفلسفات الماضي، وكانت مناهجها وشطر من محتواها الجوهري تعود إلى مفكري الماضي العظام. (3)
لقد عادت الحاجة تلح إلى فلسفة جديدة تماما، فلسفة لا تعيد إنتاج النهضة، بل تعيد استجلاء المشكلة الفلسفية بشكل جذري مسلطة الضوء من جديد على معانيها وأفكارها الرئيسية؛ لكي تنفذ بذلك إلى الأرضية الأولى التي يجب أن تصاغ على أساسها المشكلات إن كان لها أن تعثر على حل علمي أصيل. (4)
ها هو علم أساسي جديد ينشأ داخل مجال الفلسفة، إنه «الفينومينولوجيا الخالصة (البحتة)»، إنه علم ذو نمط جديد تماما ومجال عريض لا نهاية له، ولا يقل صرامة منهجية عن أي من العلوم الحديثة. على هذه الفينومينولوجيا الخالصة تتأسس جميع أفرع الفلسفة، ومن خلال نموها تستمد هذه الأفرع قوتها، عن هذه الفينومينولوجيا الخالصة أريد أن أتحدث: عن منهجها وموضوعها الذي تعجز المذاهب الطبيعية عن رؤيته وإدراك كنهه. (5)
تدعي الفينومينولوجيا الخالصة أنها هي العلم الخاص بالظواهر المحضة، وهذا التصور عن «الظاهرة»، والذي نشأ تحت أسماء عديدة منذ القرن الثامن عشر دون أن يسلط عليه الضوء، هو ما ينبغي أن نعرض له قبل أي شيء آخر. (6)
سنعرض أولا للارتباط الضروري بين «الموضوع»
Page inconnue