Comprendre la Compréhension: Une Introduction à l'Herméneutique: La Théorie de l'Interprétation de Platon à Gadamer
فهم الفهم: مدخل إلى الهرمنيوطيقا: نظرية التأويل من أفلاطون إلى جادامر
Genres
المعري
ألح دلتاي مرارا على أن الإنسان «كائن تاريخي»
a Historical Being
ولكن ماذا تعني كلمة «تاريخي» في هذا المقام؟ الجواب هنا على جانب كبير من الأهمية، ليس من أجل فهم هرمنيوطيقا دلتاي فحسب، بل أيضا بسبب التأثير الذي سيمارسه مفهوم «التاريخية» على النظرية التأويلية اللاحقة.
التاريخ في تصور «دلتاي» ليس شيئا ماضيا يقف بإزائنا بصفته موضوعا، ولا «التاريخية» عنده تشير إلى تلك الحقيقة الواضحة موضوعيا للجميع وهي أن الإنسان يولد ويعيش ويموت في مسار الزمن، إنها لا تشير إلى زوال الوجود الإنساني وقصر عمره، والذي هو موضوع للشعر، التاريخية عند «دلتاي» تعني أمرين:
وفيما يتولى الإنسان على الدوام امتلاك التعبيرات المصوغة التي تشكل إرثه وتركته فهو يصبح «تاريخيا» بطريقة إبداعية، فهذا الفهم للماضي ليس شكلا من العبودية، بل من الحرية، حرية الفهم الذاتي المتنامي على الدوام والوعي بقدرته على أن يريد ما سيكونه، وما دام بقدرة الإنسان أن يغير ماهيته ذاتها، فمن الممكن القول بأن لديه القدرة على أن يغير الحياة ذاتها، إن لديه قوى حقيقية وجذرية على الخلق.
إن من شأن ذلك أن يدعم ما قلناه آنفا عن الزمانية الصميمة للفهم: فالمعنى دائما يقف في «سياق/أفق» يمتد في الماضي، ويمتد في المستقبل، وشيئا فشيئا تصبح هذه الزمانية جزءا لا يتجزأ من مفهوم «التاريخية»، بحيث «لا يقتصر لفظ «التاريخية» على الإشارة إلى اعتماد الإنسان على التاريخ في فهم ذاته وتأويلها، وإلى تناهيه الإبداعي في تحديد ماهيته تاريخيا، بل يشير أيضا إلى استحالة الفكاك من التاريخ، وإلى الزمانية الصميمة لكل فهم.»
والنتائج التأويلية لهذه «التاريخية» واضحة في كل كتابات دلتاي بحيث يصح أن نقول مع بولنو إن مفهوم التاريخية، إلى جانب مفهوم وحدة الحياة والتعبير، هو مفهوم محوري لفهم فلسفة دلتاي، فإذا اختلف «دلتاي» عن سواه من فلاسفة الحياة فإن هذه «التاريخية» بالتحديد هي ما يفرقه عن «برجسون» وغيره، لقد كان دلتاي هو من أعطى الدفعة الحقيقية للاهتمام الحديث بالتاريخية، وكما لاحظ بولنو بحق فإن «جميع المحاولات الحديثة لفهم تاريخية الإنسان تجد في دلتاي بدايتها الحاسمة والمؤكدة».
9
إنه باختصار أبو التصورات الحديثة للتاريخية، فلا تأويلية دلتاي نفسها، ولا تأويلية هيدجر وجادامر ، يمكن تصورها إلا في ضوء التاريخية، وبخاصة تاريخية الفهم، فالنظرية التأويلية ترى إلى الإنسان بوصفه معتمدا على تأويل دائم للماضي، ومن هنا أمكن القول بأن الإنسان هو ذلك «الحيوان التأويلي» الذي يفهم نفسه وفقا لتأويل ميراث وعالم مشترك تسلمه من الماضي، ميراث حاضر وناشط دائما في أفعاله وقراراته، وصفوة القول أنه في التاريخية تجد الهرمنيوطيقا الحديثة أسسها النظرية. (5) الدائرة التأويلية والفهم
Page inconnue