Comprendre la Compréhension: Une Introduction à l'Herméneutique: La Théorie de l'Interprétation de Platon à Gadamer
فهم الفهم: مدخل إلى الهرمنيوطيقا: نظرية التأويل من أفلاطون إلى جادامر
Genres
والعودة إلى «الحياة» لا تعني عند دلتاي العودة إلى أرضية صوفية أو مصدر سري لكل حياة إنسانية وغير إنسانية، أو لعودة لنوع ما من الطاقة النفسية الأساسية، بل هو يرى الحياة من حيث «المعنى»، فالحياة هي «الخبرة الإنسانية؛ إذ تعرف من الداخل» و«ليس بوسع الفكر أن يمضي فيما وراء الحياة»، ومقولات الحياة ليست نابعة من واقع مفارق، بل من واقع الخبرة المعاشة، لقد أفصح هيجل من قبل عن نيته في أن يفهم الحياة من الحياة ذاتها، فجاء دلتاي ليضع هذا المقصد في سياق غير ميتافيزيقي (مضاد للميتافيزيقا)، سياق ليس بالواقعي ولا بالمثالي بل سياق فينومينولوجي، لقد ذهب مثل هيجل إلى أن الحياة هي واقع «تاريخي»، غير أن التاريخ عنده ليس غاية مطلقة أو تجليا لروح مطلق بل هو تعبير عن الحياة، فالحياة نسبية، وهي تعبر عن نفسها في أشكال عديدة، والحياة في الخبرة البشرية ليست «مطلقا» بأي معنى من المعاني. (2) العلوم الإنسانية كمقابل للعلوم الطبيعية
ماذا يعني الطرح الذي قلناه بالنسبة لمناهج دراسة الإنسان؟ يؤكد دلتاي أن على «الدراسات الإنسانية» أو «العلوم الروحية»
Geisteswissenschaften
أن تصوغ لها نماذج جديدة لتأويل الظواهر الإنسانية، هذه النماذج ينبغي أن تكون مستمدة من طبيعة الخبرة المعاشة ذاتها، وأن تكون قائمة على مقولات «المعنى»
Meaning
بدلا من «القوة»
، قائمة على التاريخ بدلا من الرياضيات، لقد كان دلتاي يرى فارقا جوهريا بين الدراسات الإنسانية والعلوم الطبيعية.
فالدراسات الإنسانية تتناول وقائع وظواهر ليست منبتة عن الإنسان، بل لا يكون لها معنى إلا بقدر ما تسلط الضوء على العمليات الداخلية في الإنسان، على «خبرته الداخلية»، إن المناهج الملائمة للموضوعات الطبيعية لا تكفي لفهم الظواهر الإنسانية إلا في حالتها من حيث هي موضوعات طبيعية، ومع ذلك فالدراسات الإنسانية متاح لها شيء غير متاح في العلوم الطبيعية، وهو إمكانية فهم الخبرة الداخلية لشخص آخر من خلال عملية انتقال ذهني باطنة وخفية، يقول دلتاي: «بالضبط لأن هناك انتقالا حقيقيا يمكن أن يحدث (عندما يفهم إنسان إنسانا)، ولأن تقارب الفكر وعموميته يمكن أن يمتدا ويشكلا عالما اجتماعيا تاريخيا، يمكن للأحداث والعمليات الداخلية في الإنسان أن تتميز عن تلك الأحداث والعمليات الخاصة بالحيوان، وبفضل هذا «الانتقال الحقيقي» الذي يمكن حدوثه من خلال الموضوعات التي تجسد خبرة داخلية يستطيع الإنسان أن يبلغ درجة من الفهم وعمقا فيه يتعذر بلوغه بالنسبة لأي نوع آخر من الموضوعات، ومن الواضح أن مثل هذا الانتقال ما كان ليحدث لولا وجود تشابه بين وقائع خبرتنا الذهنية الخاصة وبين تلك الحقائق الخاصة بشخص آخر، هذه الظاهرة تحمل معها إمكانية أن نجد في الشخص الآخر أعمق أعماق خبرتنا نحن، وأن نكتشف من التقائنا به عالما داخليا أكثر امتلاء.»
من الجدير بالذكر أن «دلتاي» قد أخذ بتعاليم المفكر النابوليتاني «جيامباتيستا فيكو»
G. Vico
Page inconnue