فقهائهم ومناقب قضاتهم ومفاخر كتابهم وفضائل علمائهم ثم تعدى ذلك إلى أن أخلى أرباب العلوم منا من أن يكون لهم تاليف يحيى ذكرهم ويبقي علمهم بل قطع ان كل واحد منهم قد مات فدفن علمه معه وحقق ظنه في ذلك واستدل على صحته عند نفسه بأن شيئا من هذه التآليف لو كان بيننا موجودا لكان اليهم منقولا وعندهم ظاهرا لقرب المزار وكثرة السفار وترددهم اليهم وتكررهم علينا ثم لما ضمنا المجلس الحافل بأصناف الاداب والمشهد الآهل بانواع العلوم والقصر المعمور بانواع الفضائل والمنزل المحفوف بكل لطيفة وسيعة من دقيق المعاني وجليل المعالي قرارة المجد ومحل السؤدد ومحط رحال الخائفين وملقى عصا التسيار عند الرئيس الاجل الشريف قديمه وحسبه الرفيع حديثه ومكتسبه الذي اجله عن كل خطة يشركه فيها من لا توازي قومته نومته ولا ينال حضره هويناه واربى به عن كل مرتبة يلحقه فيها من لا يسو إلى المكارم سموه ولا يدنو من المعالي دنوه ولا يعلو في حميد الخلال علوه بل اكتفي من مدحه باسمه المشهور واجتزي من الاطالة في تقريظه بمنتماه المذكور فحسبي بذينك العلمين دليلا على سعيه المشكور وفضله المشهور أبي عبد الله محمد بن قاسم صاحب البونت اطال الله بقاءه وادام اعتلاءه ولا عطل الحامدين من تحليهم بحلاه ولا أخلى الأيام من تزينها بعلاه فرأيته اعزه الله تعالى حريصا على ان يجاوب هذا المخاطب وراغبا في ان يبين له ما لعله قد راه فنسى أو بعد عنه فخفى فتناولت الجواب المذكور بعد ان بلغني ان ذلك المخاطب قد مات رحمنا الله تعالى واياه فلم يكن لقصده بالجواب معنى وقد صارت المقابر له مغنى فلسنا
Page 5