382

Les Vertus des Deux Poids

فضائل الثقلين من كتاب توضيح الدلائل على ترجيح الفضائل‏

Genres

فعل، فهنالك يذل الأبرار، ويعز الأشرار، وتعظم تبعات الله تعالى عند العباد.

فعليكم بالتناصح في ذلك، وحسن التعاون عليه، فليس أحد- وإن اشتد على رضا الله تعالى حرصه، وطال في العمل اجتهاده- ببالغ حقيقة ما الله تعالى أهله من الطاعة له، ولكن من واجب حقوق الله تعالى على العباد النصيحة بمبلغ جهدهم، والتعاون على إقامة الحق فيهم.

وليس امرؤ- وإن عظمت في الحق منزلته، وتقدمت في الدين فضيلته- بفوق أن يعان على ما حمله الله تعالى من حقه، ولا امرؤ- وإن صغرته النفوس، واقتحمه العيون- بدون أن يعين على ذلك ويعان عليه».

فأجابه رجل من أصحابه بكلام طويل، يكثر فيه الثناء عليه، ويذكر سمعه وطاعته له، فقال (عليه السلام): «إن من حق من عظم جلال الله تعالى في نفسه، وجل موضعه من قلبه، أن يصغر عنده كل ما سواه، وإن أحق من كان كذلك لمن عظمت نعمة الله تعالى عليه، ولطف إحسانه إليه، فإنه لم تعظم نعمة الله تعالى على أحد ولطف إحسانه إليه إلا ازداد حق الله تعالى عليه عظما، وإن من أسخف حالات الولاة عند صالح الناس أن يظن بهم حب الفخر، ويوضع أمرهم على الكبر، وقد كرهت أن تكون حالي في ظنكم أني أحب الإطراء، واستماع الثناء، ولست- بحمد الله تعالى- كذلك، ولو كنت أحب أن يقال ذلك لتركته انحطاطا لله سبحانه عن تناول ما هو أحق به من العظمة والكبرياء، وربما استحل (1) الناس الثناء بعد البلاء، فلا تثنوا علي بحميد (2) ثناء لإخراجي نفسي إلى الله تعالى وإليكم من البقية في حقوق، ولم أفرغ من أدائها، وفرائض لا بد من إمضائها، فلا تكلموني بما تكلم به الجبابرة، ولا تتحفظوا مني بما تتحفظ به عند أهل البادرة، ولا تخالطوني بالمصانعة، ولا تظنوا بي استثقالا بحق قيل لي، ولا التماس إعظام لنفسي، فإنه من استثقل الحق أن يقال له، والعدل أن يعرض عليه، كان العمل بهما عليه أثقل، فلا تكفوا عن مقالة بحق، أو مشورة بعدل، فإني لست في نفسي بفوق أن أخطأ ولا آمن ذلك من فعلي، إلا أن يكفى الله تعالى من نفسي ما هو أملك به مني، فإنما أنا وأنتم عبيد مملوكون لرب لا رب غيره، يملك منا ما لا نملك من أنفسنا، وأخرجنا

Page 412