يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:» وبيان هذا أن من فعل المحارم مستحلا لها فهو كافر بالاتفاق، فإنه ما آمن بالقرآن من استحل محارمه، وكذلك لو استحلها من غير فعل، والاستحلال: اعتقاد أن الله لم يحرمها وتارة بعدم اعتقاد أن الله حرمها، وهذا يكون لخلل في الإيمان بالربوبية، ولخلل في الإيمان بالرسالة، ويكون جحدا محضا غير مبني على مقدمة، وتارة يعلم أن الله حرمها، ويعلم أن الرسول إنما حرم ما حرمه الله، ثم يمتنع عن التزام التحريم ويعاند المحرم فهذا أشد كفرا ممن قبله، وقد يكون هذا مع علمه أن من يلتزم هذا التحريم عاقبه الله وعذبه، ثم إن هذا الامتناع والإباء إما لخلل في اعتقاد حكمه الآمر وقدرته فيعود هذا إلى عدم التصديق بصفة من صفاته، وقد يكون مع العلم بجميع ما يصدق به تمردا أو اتباعا لغرض النفس، وحقيقته كفر هذا لأنه يعترف لله ورسوله بكل ما أخبر به، ويصدق بكل ما يصدق به المؤمنون، لكنه يكره ذلك ويبغضه ويسخطه لعدم موافقته لمراده ومشتهاه، ويقول أنا لا أقر بذلك ولا ألتزمه، وأبغض هذا الحق وأنفر عنه فهذا نوع غير النوع الأول، وتكفير هذا معلوم بالاضطرار من دين الإسلام «(¬1).
فلا يشترط إذن في الاستحلال أن يكون دينيا، أي يعتقد حل المحرمات دينا، بل يكفي ألا يلتزم بهذا التحريم وإن كان مقرا به لكي يكون مستحلا كافرا بإجماع الأمة.
Page 77