لقد اتفقت الأمة على أن استحلال المحرمات القطعية كفر بالإجماع، لم ينازع في ذلك فيما نعلم أحد، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:» والإنسان متى حلل الحرام المجمع عليه، أو حرم الحلال المجمع عليه، أو بدل الشرع المجمع عليه كان كافرا ومرتدا باتفاق الفقهاء، وفي مثل هذا نزل قول الله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} [المائدة: 44]، أي: هو المستحل للحكم بغير ما أنزل الله «(¬1).
وإن في الامتناع عن الالتزام بشرائع الإسلام أو بالحكم بها استباحة لما حرم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك أن الاستحلال ليس مجرد عدم الاعتقاد بأن الله قد حرم هذا الشيء، بل يكون أيضا مع اعتقاد حرمته وعدم التزام هذا التحريم.
فللاستحلال صورتان:
الأولى: عدم اعتقاد الحرمة، ومرده حينئذ إلى خلل في الإيمان بالربوبية والرسالة، ويؤدي إلى كفر التكذيب.
الثانية: اعتقاد الحرمة والامتناع عن التزام هذا التحريم، ومرده في هذه الحالة إما إلى خلل في التصديق بصفة من صفات الشارع جل وعلا كالحكمة والقدرة، وإما لمجرد التمرد واتباع هوى النفس.
Page 76